الأول: أنه يدل على إباحة الصلاة في النعلين، فإذا كان تجوز الصلاة فيهما في المسجد، فالمشي فيهما في القبور بالطريق الأولى.
والثاني: ذكر الخطابي أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه.
قلت: قال أصحابنا: ولو رأى في ثوبه نجاسة ولم يدر متى أصابته لا يعيد صلاته حتى يتحقق، بالإجماع، وفي رواية:"يعيد صلاة يوم وليلة".
فإن قيل: هذا إذا علم بها بعد أن صلى، وأما إذا علم بها وهو في الصلاة، فلا خلاف فيه أنه تفسد صلاته وعليه أن يستأنفهما، فكيف يكون الجواب عن الحديث؛ لأنه - عليه السلام - علم بالنجاسة وهو في الصلاة بإخبار جبريل - عليه السلام - ومع هذا لم يعدها؟
قلت: الجواب عن ذلك من وجهين:
الأول: أن الحظر مع النجاسة نزل حينئذ.
والثاني: يحتمل أنه كان أقل من قدر الدرهم، وهذا لا يمشي إلا على مذهب الحنفية، فافهم.
الثالث: أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة وهو الذي لا يحتاج فيه إلى استعمال اليدين.
الرابع: ذكر الخطابي أن الاقتداء برسول الله - عليه السلام - في أفعاله واجب كهو في أقواله، وهو أنهم لما رأوا رسول الله - عليه السلام - خلع نعله خلعوا نعالهم، وقد قال الشيخ جلال الدين في كتابه "المغني": إن الأمر يتوقف على الصيغة عندنا خلافًا للشافعي؛ حتى لا تكون أفعال النبي - عليه السلام - موجبة لأنه يصح أن يقال: فلان يفعل كذا ويأمر بخلافه، ولو كان الفعل أمرًا لكان هذا تناقضًا، انتهى.