للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود وكانت امرأةً صنعًا وليس لعبد الله بن مسعود مال، وكانت تنفق عليه وعلى ولده منها، فقالت: لقد شغلتني والله أنت وولدك عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء. فقال: ما أحب إن لم يكن لك في ذلك أجر إن تفعلي، فسألت رسول الله - عليه السلام - هي وهو، فقالت: يا رسول الله إن امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لولدي ولا لزوجي شيء، فشغلوني فلا أتصدق، فهل لي فيهم أجرٌ؟ فقال: لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم، فأنفقي عليهم.

ففي هذا الحديث أن تلك الصدقة مما لم تكن فيه زكاة، ورائطة هذه هي زينب امرأة عبد الله لا نعلم أن عبد الله كانت له امرأة غيرها في زمن رسول الله - عليه السلام -، والدليل على أن تلك الصدقة كانت تطوعًا كما ذكرنا قولها؛ كنت امرأة صنعًا أصنع بيدي فأبيع من ذلك فأنفق على عبد الله" فكان قول رسول الله - عليه السلام - الذي في هذا الحديث وفي الحديث الأول جوابًا لسؤالها هذا، وفي حديث رائطة هذا: "كنت أنفق من ذلك على عبد الله وعلى ولده مني"، وقد أجمعوا أنه لا يجوز للمرأة أن تنفق على ولدها من زكاتها، فلما كان ما أنفقت على ولدها ليس من الزكاة فكذلك ما أنفقت على زوجها ليس هو أيضًا من الزكاة.

ش: أي: وكان من الحجة والبرهان للآخرين على أهل المقالة الأولى، وأراد بذلك الجواب عن حديث زينب الذي احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه.

بيان ذلك: أن المراد من الصدقة التي حضَّ عليها رسول الله - عليه السلام - في حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - هو صدقة التطوع لا الفرض.

والدليل عليه حديث عبيد الله بن عبد الله عن رائطة بنت عبد الله وهي زينب المذكورة امرأة عبد الله بن مسعود فإنها قالت فيه: "كنت أُنفق من ذلك على عبد الله وعل ولده مني " وقد أجمع الخصوم كلهم أنه لا يجوز للمرأة أن تنفق على ولدها من الزكاة، فإذا كان ما أنفقت على ولدها ليس من الزكاة فكذلك لا يكون ما أنفقت على زوجها من الزكاة، فحينئذٍ لا يستقيم استدلالهم بالحديث المذكور لما ذهبوا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>