للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد من الصدقة التطوع في حق ولدها وصدقة الفرض في حق زوجها عبد الله؟

قلت: لا مساغ لذلك؛ لاجتماع الحقيقة والمجاز حينئذٍ، وهذا لا يجوز.

ثم إسناد حديث عبيد الله بن عبد الله صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

وأخرجه البيهقي في "سننه" (١): من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، أنه أخبره عبد الله بن عبيد الله، عن رَيْطة بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده قالت: "والله لقد أنت وولدك عن الصدقة فما استطيع أن أتصدق معكم. قال: فما أحب إن لم يكن لك في ذلك أجرٌ أن تفعلي فسألت رسول الله - عليه السلام - هي وهو فقالت: يا رسول الله إني امرأة ذات صنعة أبيع منها، وليس لي ولا لولدي ولا لزوجي شيء، فشغلوني فلا أتصدق، فهل لي في ذلك أجر؟ فقال: لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم، فأنفقي عليهم" انتهى.

قوله: "صَنَعاء" بفتح الصاد والنون وهي التي تعمل بيديها.

قوله: "أن تفعلي" بفتح همزة "أن" وهي مصدرية في محل النصب؛ لأنه مفعول لقوله: "ما أحب" أي: ما أحب فعلك إن لم يكن لك أجر، وأراد به فعل الصدقة عليه وعلى ولده منها.

قوله: "هي وهو". إنما ذكر هي ليصح عطف هو على ما قبله؛ لأن الضمير المتصل لا يُعطف عليه إلا بإعادة الضمير المنفصل؛ وذلك لئلا يكون عطف الاسم على الفعل.

قوله: "ورائطة هذه هي زينب ... إلى آخر" جواب عما يقال: إن الحديثين في قضيتي امرأتين؛ لأن المذكورة في الحديث الأول هي زينب، وفي هذا الحديث هي رائطة. فأجاب عنه بأن رائطة هي زينب المذكورة في ذاك الحديث، وقد


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ١٧٨ رقم ٧٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>