وفعله عثمان بن عفان، وكان أيضًا يأخذ الزكاة منها. كذا ذكره في "أحكام ابن بزيزة".
ص: وأما وجه طريق النظر فإنا رأينا الذين يوجبون فيها الزكاة ولا يوجبونها حتى تكون ذكورًا وإناثًا يلتمس صاحبها نسلها، ولا تجب الزكاة في ذكورها خاصةً، ولا في إناثها خاصةً، وكانت الزكوات المتفق عليها في المواشي السائمة تجب في الإبل والبقر والغنم ذكورًا كانت كلها أو إناثًا.
فلما استوى حكم الذكور في ذلك خاصةً، وحكم الأناث خاصة، وحكم الذكور والإناث، وكانت الذكور من الخيل خاصةً والإناث منها خاصة لا تجب فيها زكاة، كان كذلك في النظر للإناث منها والذكور إذا اجتمعت، لا تجب فيها زكاة.
ش: أراد أن وجه القياس أيضًا يقتضي أن لا تجب الزكاة في الخيل مطلقًا؛ وذلك لأن مَن يوجب الزكاة في الخيل يَشترط أن تكون مختلطة ذكورًا وإناثًا، حتى يكون فيها درٌّ وتناسل، حتى لا يوجب في ذكرانها خاصة ولا في إناثها خاصةً، وبقية السوائم من الإبل والبقر والغنم تجب فيها الزكاة مطلقًا سواء كانت ذكورًا أو إناثًا أو مختلطة، وهذا بلا خلاف بينهم، وكانت الخيل إذا كانت ذكورًا خاصة لا تجب، وكذا إذا كانت إناثًا خاصة لا تجب بلا خلاف.
فالقياس على هذا أن لا تجب إذا كانت ذكورًا وإناثًا؛ لأنه لما استوى الأحوال كلها في بقية المواشي في الوجوب كان ينبغي أن تستوي الأحوال أيضًا في الخيل في عدم الوجوب.
وقد شنَّع ابن حزم على أبي حنيفة في هذا الموضع (١) فقال: استدل أبو حنيفة بفعل عمر وعثمان - رضي الله عنهما - ثم خالفه.
وذلك أن قول أبي حنيفة: إنه لا زكاة في الخيل الذكور ولو كثرت وبلغت ألف فرس، فإن كانت إناثًا أو إناثًا وذكورًا سائمة غير معلوفة فحينئذ تجب فيها