للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: للإمام أن يولي أصحاب الأموال صدقات أموالهم حتى يضعوها مواضعها، وللإمام أيضًا أن يبعث عليها مصدقين حتى يعشروها ويأخذوا الزكاة منها.

ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي والأوزاعي والثوري وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: ينصب الإِمام من يأخذ صدقات أموالهم ويبعث مصدقين ليعشروها ويأخذوا الزكوات منها، وله أن يفوض لأرباب الأموال فيصرفونها مصارفهم.

وقال صاحب "البدائع": مال الزكاة نوعان:

ظاهر: وهو المواشي، والمال الذي يمر به التاجر على العاشر.

وباطن: وهو الذهب والفضة وأموال التجارة في مواضعها.

أما الظاهر فللإمام ونوابه وهم المصدقون من السعاة والعشار ولاية الأخذ، والساعي هو الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقة المواشي في أماكنها، والعاشر هو الذي يأخذ الصدقة من التاجر الذي يمر عليه، والمصدق: اسم جنس.

والدليل على أن للإمام ولاية الأخذ في المواشي في الأموال الظاهرة: الكتاب والسنة والإجماع وإشارة الكتاب.

أما الكتاب فقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ...} (١) الآية، نزلت في الزكاة عند عامة أهل التأويل أمر نبيَّه - عليه السلام - بأخذ الزكاة، فدل أن للإمام المطالبة بذلك والأخذ، وقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (٢)، فقد بيَّن الله تعالى، ذلك بيانًا شافيًا حيث جعل للعاملين عليها حقًّا، فلو لم يكن للإمام أن يطالب أرباب الأموال بصدقات الأنعام في أماكنها، وكان أداؤها إلى أرباب الأموال، لم يكن لذكر العاملين وجه.


(١) سورة التوبة، آية: [١٠٣].
(٢) سورة التوبة، آية: [٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>