وذكر أبو عمر: أن أبا عبيد قال: إن الدراهم لم تكن معلومةً إلى زمن عبد الملك، وأنه جمعها برأي العلماء، وجعل كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، ووزن الدرهم ستة دوانيق.
وقال القاضي عياض: ولا تصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولةً في زمن النبي - عليه السلام - وهو يوجب الزكاة في أعداد منها وتقع بها البياعات والأنكحة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. قال: وهذا يُبيِّن أن قول من زعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك بن مروان وأنه جمعها برأي العلماء، وجعل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل ووزن الدرهم ستة دوانيق قولٌ باطلٌ، وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإِسلام، وعلى صفة لا تختلف، بل كانت مجموعات من ضرب فارس والروم صغارًا وكبارًا، وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة، ويمنية ومغربية، فرأوا صرفها إلى ضرب الإِسلام ونقشه، وتصييرها وزنًا واحدًا لا يختلف، وأعيانًا يُستغنى فيها عن الموازين، فجمعوا أكبرها وأصغرها وصرفوه على وزنهم.
وقال القاضي: ولا شك أن الدراهم كانت معلومة حينئذٍ وإلا فكيف كان تتعلق بها حقوق الله تعالى في الزكاة وغيرها وحقوق العباد؟! وهكذا كما كانت الأوقية معلومةً.
وقال الشيخ محيى الدين: أجمع أهل العصر الأول على التقدير بهذا الوزن المعروف، وهو أن الدرهم ستة دوانيق، وكل عشرة سبعة مثاقيل، ولم يتغير المثقال في الجاهلية ولا في الإِسلام.
وروى ابن سعد في كتاب "الطبقات"(١) في ترجمة عبد الملك بن مروان: أنا محمَّد بن عمر الواقدي، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال:"ضرب عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين، وهو أول من أحدث ضربها ونقش عليها".