وقال ابن حزم في "المحلى": وأما التمر ففرض على الخارص أن يترك له ما يأكل هو وأهله رطبًا على التوسعة ولا يكلف عنها بزكاة.
وهو قول الشافعي والليث بن سعد.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يترك له شيئًا.
وذكر ابن بزيزة في "مطامح الأفهام": قال الجمهور: يقع الخرص في النخل والكرم، واختلف مذهب مالك هل يخرص الزيتون أم لا؟ وفيه قولان: الجواز؛ قياسًا على الكرم.
والمنع؛ لوجهين:
الأول: لأن أوراقه تستره.
الثاني: أن أهله لا يحتاجون إلى أن يأكلوه رطبًا فلا معنى لخرصه.
وقد اختلف العلماء في الخرص هل هو شهادة أو حكم. فإن كان شهادةً لم يكتف بخارص واحد، وإن كان حكمًا اكتفى به.
وكذلك اختلفوا في القائف، والطبيب يشهد في العيوب، وحاكم الجزاء في الصيد.
واختلف الفقهاء هل يحاسَبُ أصحاب الزروع والثمار بما أكلوا قبل التصفية والجداد أم لا؟
وكذلك اختلفوا هل يترك لهم قدر العواري والضيف وما في معناه أم لا؟
واختلفوا أيضًا إذا غلط الخارص، ومحصَّل الأمر فيه: إن لم يكن من أهل المعرفة بالخرص فالرجوع إلى الخارج لا إلى قوله، وإن كان من أهل المعرفة ثم تبيَّن أنه أخطأ فهل يؤخذ بقوله أو بما تبيَّن فيه خلاف، على اختلافهم في المجتهد يخطئ هل ينقض حكمه أم لا؟
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فكرهوا ذلك وقالوا: ليس في شيء من هذه الآثار أن الثمرة كانت رطبًا في وقت ما خرصت في حديث ابن عمر وجابر - رضي الله عنهم -،