للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون رطبًا حينئذٍ لأنه يكون تضمينًا لرب المال بقدر الصدقة، وذلك غير جائز؛ لأنه بيع رطب بتمر وبيع حاضر بغائب، وذا لا يجوز، وهو من المزابنة المنهيّ عنها وهي بيع الثمرة في رءوس النخل بالتمر كيلًا، وهو أيضًا من باب بيع الرطب بالتمر نسيئة.

وهو أيضًا لا يجوز على ما ثبت في الأحاديث الصحيحة.

وقد ذكرها الطحاوي: في كتاب البيوع من هذا الكتاب؛ ولأن هذا تخمين وقد يخطئ، ولو جوَّزنا ذلك لجوَّزنا خرص الزرع وخرص الثمار بعد جدادها أقرب إلى الأبصار من خرص ما على الأشجار، فلما لم يجز في القريب لم يجز في البعيد، فإذا كان الأمر كذلك لم يكن معنى الخرص في الأحاديث المذكورة على ما ذكر هؤلاء القوم، وإنما معناه أنه أريد بخرص عبد الله بن رواحة في حديث ابن عمر: أن يُعلم به مقدار ما في أيدي كل قوم من الثمار فيؤخذ مثل ذلك بقدره وقت الصرام والجداد على حسب ما يجب فيها، وإنما أمر بذلك خوفًا أن يخونوا.

هذا معناه، لا أنه يلزم به حكم شرعي، أشار إليه بقوله: لا أنهم لا يملكون منه شيئًا مما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل عنهم.

أي: ليس معناه أن أصحاب الثمر يملكون من الثمر شيئًا مما يجب عليهم من الزكاة ببدل لا يزول البدل عنهم أصلًا، وكيف يجوز هذا المعنى، والحال أنه قد يجوز أن تصيب الثمرة بعد ذلك آفة سماوية مثل المطر يُتلفها، وهبوب الريح السموم فتحرقها، ووقوع النار فيها فتستأصلها.

أو غير سماوية بأن يسرقها سارق يذهب بها، ونحو ذلك.

فحينئذ يكون ما يؤخذ منه بدلًا مما لم يسلم له وذلك لا يجوز؛ لأنه ظلم وعدوان، وكذلك معنى الخرص في حديث عتاب بن أسيد - رضي الله عنه - على ما ذكرنا لا على المعنى الذي ذكروا.

وقد قيل: إن قضية خيبر مخصوصة؛ لأن الأرض أرضه والعبيد عبيده، فأراد - عليه السلام - أن يعلم ما بأيديهم من الثمار فيترك لهم منها قدر نفقاتهم؛ ولأنه - عليه السلام - أقرهم ما

<<  <  ج: ص:  >  >>