قوله:"فخذوا" من الأخذ، وكذا في رواية الترمذي، وفي رواية أبي داود "فجُدُّوا" بضم الجيم وتشديد الدال، من جدَّ يَجُدُّ -بضم العين في المستقبل- وكسرها، ومعناه: اجتهدوا في الخرص.
قوله:"ودعوا الثلث" أي: اتركوا، فإن لم تتركوا الثلث فاتركوا الربع.
وقد علم من هذا أن ذلك لا يكون في وقت أخذ الزكاة؛ لأن ثمرته لو بلغت مقدار ما تجب فيه الزكاة لم يجز حط شيء من الذي وجب عليه، بل يؤخذ عنه ما وجب عليه فيها على التمام والكمال، وهذا لا خلاف فيه لأحد، وهو معنى قوله: هذا ما اتفق عليه المسلمون، والمراد من الحطيطة المذكورة في قوله:"ودعوا الثلث أو الربع" إنما هي قبل أخذ الزكاة؛ لتكون توسعةً لهم؛ لأنهم يأكلون منها، والطير أيضًا تأكل، ويتلف منها شيء أيضًا؛ فأمرهم النبي - عليه السلام - أن يحطوا المقدار المذكور عنهم حتى لا يتضررون بحساب ذلك وقت أخذ الزكاة منهم، وهو معنى قوله:"فأمر الخُرَّاص" بضم الخاء وتشديد الراء جمع خارص "أن يُلقوا" من الإلقاء، وهو الطرح.
وقوله:"المقدار المذكور". بالنصب مفعوله، والمقدار المذكور في الحديث هو الثلث والربع.
ص: وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "أنه كان يأمر الخراص بذلك".
حدثنا رَوْح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، عن سعيد بن المسيب، قال:"بعث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سهل بن أبي حثمة يخرص على الناس، فأمره إذا وجد القوم في نخلهم أن يخرص عليهم ما يأكلونه".