قلنا: قد وافقه غيره من الصحابة الجمّ الغفير؛ بدليل قوله في الحديث:"فأخذ الناس بذلك".
ولفظ "الناس" للعموم، فكان إجماعًا.
الثالث: فيه دلالة على أن صدقة الفطر من الشعير صاع، وهذا لا خلاف فيه.
الرابع: فيه دلالة على أنها من الأقط صاع أيضًا، وبه استدل مالك -رحمه الله-: على أنه يخرج من الأقط صاعًا، واعتبر أصحابنا فيه القيمة على ما عرف في فروعهم.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قومٌ إك هذه الآثار، فقالوا في صدقة الفطر: من أحب أن يعطيها من الحنطة أعطاها صاعًا، وكذلك إن أحب أن يعطيها من الشعير أو التمر أو الزبيب.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: أبا العالية ومسروقًا وأبا قلابة ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم ذهبوا إلى الأحاديث المذكورة، وقالوا: صدقة الفطر صاعٌ سواءٌ كانت من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب.
وقال أبو عمر: قال الأوزاعي: يؤدي كل إنسان مدَّين من قمح بمد أهل بلده، وقال الليث: مدَّين من قمح بمد هشام وأربعة أمداد من التمر والشعير والأقط.
وقال أبو ثور: الذي يخرج في زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو طعام أو زبيب أو أقط إن كان بدويًا، ولا يعطى قيمة شيء من هذه الأصناف وهو يجدها.
وقال أبو عمر: سكت أبو ثور عن ذكر البر، وكان أحمد بن حنبل يستحب إخراج التمر.
والأصل في هذا الباب: اعتبار القوت، وأنه لا يجوز إلا الصاع منه. وهذا قول مالك والشافعي.
والوجه الآخر: اعتبار التمر والشعير والزبيب أو قيمتها على ما قاله الكوفيون.