المكتل: الزنبيل (١) الكبير. وقال القاضي: المكتل والقفة والزبيل واحد، وسمي زبيلًا؛ لحمل الزبل فيه، قال ابن دريد: والزبيل بكسر الزاي ويقال: بفتحها وكلاها لغتان، والعرق: بفتح العين والراء، زبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عَرَق، وعَرَقة أيضًا بفتح الراء فيهما، قال القاضي: وسمي عرقًا لأنه جمع عرقة وهي الضفيرة الواسعة من الخوص يخاط ويجمع حتى يصير زِبِّيلا، ومن سماه عرقة فلأنه منها، ويجمع أيضًا على عَرَقات، وقد رواه كثير من شيوخنا وغيرهم: عَرْق بإسكان الراء، والصواب رواية الجمهور بالفتح، وقال المنذري: صحح بعضهم سكون الراء، والفتح أشهر.
ويستنبط منه أحكام:
الأول: استدلت به طائفة على أن الذي جامع امرأته في نهار رمضان لا يجب عليه غير الصدقة على ما يجيء -إن شاء الله تعالى- بيانه.
الثاني: استدل قوم بقوله: "بمكتل يدعى العرق" أن الصدقة مدّ لكل مسكين؛ لأن العرق تقديره عندهم خمسة عشر صاعًا، وهو مفسر في الحديث، فتأتي قسمته على ستين مسكينًا الذي أمره النبي - عليه السلام - بإطعامهم مدًّا لكل مسكين.
قلت: هذا قول مالك والشافعي وأحمد، وقول أبي حنيفة والثوري: لا يجزئ أقل من نصف صاع، ولا يتم استدلالهم بهذا؛ لأنه جاء في رواية أبي داود فأتي بعرق فيه عشرون صاعًا، فلا يستقيم التقسيم حينئذ، وجاء في رواية مسلم:"عرقان"، وهو يدل على صحة قول أصحابنا؛ لأن العرق إذا كان خمسة عشر صاعًا يكون العرقان ثلاثين صاعًا، وثلاثون صاعًا على ستين مسكينًا يكون لكل مسكين نصف صاع.
الثالث: قول المجامع امرأته: "احترقت"، وفي قوله في الحديث الآخر:"هلكت"، استدل به الجمهور على أن ذلك في العامد لِجماعه دون الناسي، وهو
(١) كذا في "الأصل، ك" الزنبيل، بنون بعد الزاي، قال الجوهري في "الصحاح": (مادة: زبل): والزَّبيل القفة، فإذا كسرته شددت فقلت: زِبِّيل أو زِنْبِيل.