للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أيّ قد جاءت الآثار حال كونها متكاثرة متتابعة بما يَدلُّ على ما قال الآخرون، من أنَّ قوله - عليه السلام -: "يغسل مذاكيره" ليس على إيجاب غسلها؛ ولكن ليتقلص المذي كما ذكرنا.

فمن ذلك ما رواه الطحاوي عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي وأحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي، كلاهما عن عمرو بن محمَّد شيخ الشيخين وغيرهما، عن عَبيدة -بفتح العين وكسر الباء الموحدة- بن حميد بن صُهيب الضبي، عن سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الكوفي، وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه مسلم (١): من حديث عبد الله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي - رضي الله عنه -: "أرسلت المقداد ابن الأسود إلى رسول الله - عليه السلام - فسأله عن المذي يخرج من الإنسان، كيف يفعل به؟! قال رسول الله - عليه السلام -: توضأ وانضح فرجك".

قوله: "مذاء"، فعَّال بالتشديد، وهو صيغة المبالغة في كثرة خروج المذي، وكان علي - رضي الله عنه - كثير المذي جدّا.

حتى قال البيهقي في "سننه" (٢): من حديث ابن جريج، عن عطاء: "أنَّ عليّا كان يدخل الفتيلة في إحليله من كثرة المذي".

قوله: "فأمرت رجلًا" قد فسره في رواية مسلم بأنه المقداد.

ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: أبنا هُشيم، قال: أبنا الأعمش، عن منذر بن يعلى الثوري، عن محمَّد بن الحنفية، قال: سمعته يُحدِّث عن أبيه قال: "كنت أجد مذيا؛ فأمرت المقداد أنْ يسأل النبي - عليه السلام - عن ذلك، واستَحْييتُ أنْ أسأله؛ لأن ابنته عندي، فقال: إن كل فحل يُمْذي، فإذا كان المني فعليه الغسل، وإذا كان المذي فعليه الوضوء".


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٢٤٧ رقم ٣٠٣).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ٣٥٦ رقم ١٥٥٤) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>