للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: إن حركت القبلة شهوة فهي حرام على الأصح عند أصحابنا، وقيل: مكروهة كراهة تنزيه، انتهى.

وقال أصحابنا في فروعهم: لا بأس بالقبلة والمعانقة إذا أمن على نفسه، أو كان شيخا كبيرًا، ويكره له مس فرجها.

وعن أبي حنيفة: تكره المعانقة والمصافحة والمباشرة الفاحشة بلا ثوب، والتقبيل الفاحش مكروه، وهو أن يمضغ شفتها قاله محمَّد، وقال ابن قدامة: إن قبَّل فأمنى أفطر بلا خلاف؛ فإن أمذى أفطر عندنا وعند مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يفطر، وروي ذلك عن الحسن والشعبي والأوزاعي، واللمس بشهوة كالقبلة، فإن كان بغير شهوة فليس مكروهًا بحال.

وقال ابن حزم (١): وأما القبلة والمباشرة للرجل مع امرأته وأمته المباحة له [فهما سنة حسنة] (٢) نستحبها للصائم شابًّا كان أو كهلًا أو شيخًا، ولا نبال كان معها إنزال مقصود إليه أو لم يكن.

وادعى قوم أن القبلة تبطل الصوم، وقال قوم: هي مكروهة، وقال قومٌ: هي مباحة للشيخ مكروهة للشاب، وقال قومٌ: هي خصوص للنبي - عليه السلام -.

ص: واحتجوا في ذلك أيضًا بما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم عمر بن حمزة، قال: ثنا سالم، عن ابن عمر قال: قال عمر - رضي الله عنه - "رأيت النبي - عليه السلام - في المنام فرأيته لا ينظرني، فقلت: يا رسول الله ما شأني؟ قال: ألستَ الذي تُقَبِّل وأنت صائم؟ فقلت. والذي بعثك بالحق لا أقبل بعد هذا وأنا صائم، فأقرَّ به، ثم قال: نعم".

ش: أي: واحتج هؤلاء القوم أيضًا فيما ذهبوا إليه بما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.


(١) "المحلى" (٦/ ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٢) "في الأصل": حسنة حسنة، والمثبت من "المحلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>