ش: أي: واحتج هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه أيضًا بما روي عن سعيد بن المسيب.
أخرجه عن محمد بن حُميد بن هشام الرعيني، عن علي بن معبد بن شداد العبدي، عن موسى بن أعين الجزري، عن عبد الكريم بن مالك الجزري الحراني.
وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا محمدًا وابن معبد، وهما أيضًا ثقتان.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): ثنا علي بن علية، عن داود، عن سعيد بن المسيب:"قال في القبلة للصائم: تنقص صيامه ولا تفطر".
قوله:"تنقص صومه" يحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون من النقض -بالضاد المعجمة- على معنى أنه يبطل صومه.
والآخر: من النقص -بالصاد المهملة- على معنى أن صومه يدخله النقصان ولكن لا يفطر، ويدل على هذا رواية ابن أبي شيبة؛ فإن فيها:"تنقص صيامه ولا تفطر". فافهم.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بالقبلة للصائم باسًا إذا لم يخف منها أن تدعوه إلى غيرها مما يمنع منه الصائم.
ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء والحسن البصري والثوري والأوزاعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وأحمد وإسحاق وداود بن علي؛ فإنهم قالوا: لا نرى بالقبلة بأسًا للصائم إذا أمن على نفسه.
وقال أبو عمر: رويت الرخصة في القبلة للصائم عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عباس وعائشة، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في هذا الباب مستقصًى عن قريب.