للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن من ذرعه القيء فلا قضاء عليه.

ثم القيء لا يشترط فيه أن يقدَّر بحد، بل هو لا ينقض الصوم سواء كان ملء الفم أو أقل منه؛ لأن ذرع القيء مما لا يمكن التحرز عنه، بل يأتيه على وجه لا يمكنه دفعه، فأشبه الناسي.

وأجمعوا على إبطال صوم مَن استقاء عامدًا، وسواء في ذلك ملء الفم وأقل منه؛ لإطلاق قوله: "ومن استقاء فليقض".

ص: وأما حكمه من طريق النظر: فإنا رأينا القيء حدثًا في قول بعض الناس، وغير حدث في قول الآخرين، ورأينا خروج الدم كذلك، وكُلّ قد أجمع أن الصائم إذا فَصَدَ عرقًا أنه لا يكون بذلك مفطرًا، وكذلك لو كانت به علة فانفجرت عليه دمًا من موضع من بدنه فكان خروج الدم من حيث ذكرنا من بدنه واستخراجه إياه سواءً فيما ذكرنا، وكذلك هما في الطهارة، وكان خروج القيء من غير استخراج من صاحبه إياه لا ينقض الصوم، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون خروجه باستخراج صاحبه إياه كذلك لا ينقص الصوم، فلما كان القيء لا يفطره كان ما ذرعه من القيء أحرى أن يكون كذلك، فهذا حكم هذا الباب أيضًا من طريق النظر، ولكن اتباع ما روى عن رسول الله - عليه السلام - أولى.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وعامة العلماء رحمهم الله.

ش: أي: وأما حكم هذا الباب من طريق القياس، تقرير وجه النظر: أن القيء حدث في قول بعض الناس وهم: أبو حنيفة وأصحابه، وغير حدث في قول الآخرين وهم: الشافعي ومالك وأحمد.

وكذلك خروج الدم من بدن المتوضئ على هذا الخلاف، وكلهم قد أجمعوا أن الصائم إذا خرج من بدنه دمًا أنه لا يفطر بذلك، وكذلك لو كانت ببدنه جراحة أو قرحة فانفجرت عليه وخرج منها دم لا ينقض صومه، فاستوى فيه الخروج بنفسه والاستخراج بعلاجه؛ فالنظر على ذلك ينبغي أن يكون حكم القيء كذلك؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>