قوله:"مواليات" بضم الميم أي نساء مواليات، من وإلى القوم موالاة، وعقد الموالاة أن يُسلم رجل على يد آخر ويواليه، فيقول له: أنت مولاي ترثني إذا مت وتعقل عني إذا جنيتُ. فيقبل الآخر، فهذا عقد صحيح وكذا لو أسلم على يد رجل ووالى غيره.
ص: واحتج آخرون في أباحة السفر للمرأة بغير محرم بما رُوي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تسافر بغير محرم.
ش: أي احتج جماعة آخرون ممن يرون جواز سفر المرأة بغير محرم كالزهري والبصري بما رُوي عن عائشة زوج النبي - عليه السلام - أنها كانت تسافر بغير محرم، ورُوي عن الحسن أن المسلم محرم.
ص: فحدثني بعض أصحابنا، عن محمَّد بن مقاتل الرازي لا أعلمه إلَّا عَنْ حكَّام الرازي، قال:"سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه -: هل تسافر المرأة بغير محرم؟ فقال: لا؛ نهى رسول - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدًا إلَّا ومعها زوجها أو أبوها أو ذو محرم منها".
قال حكَّام: فسألت العَرْزَمِي، فقال: لا بأس بذلك، حدثني عطاء: أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تسافر بلا محرم.
فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته بذلك، فقال أبو حنيفة: لم يَدْر العرزمي ما رَوَى، كان الناس لعائشة محرمًا فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم، وليس الناس لغيرها من الناس كذلك".
ش: هذا جواب عما احتج به هؤلاء الآخرون بما رُوي عن عائشة، فلله درّ أبي حنيفة ما أحسن جوابه في ذلك، ولقد صدق فيه؛ لأن أزواج النبي - عليه السلام - كلهن أمهات للمؤمنين، وهم محارم لهن؛ لأن المحرم من لا يجوز له نكاحها على التأبيد، فكذلك أمهات المؤمنين حرام على غير النبي - عليه السلام - إلى يوم القيامة.