للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه البخاري (١) والنسائي (٢) أيضًا.

قوله: "ينضخ مني" أي يفور ومنه {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} (٣) وقال ابن الأثير: النضخ بالخاء المعجمة قريب من النضح بالمهملة، وقد اختلف فيهما أيهما أكثر، والأكثر أنه بالمعجمة أقل من المهملة، وقيل: هو بالمعجمة الأثر يبقى في الثوب والجسد، وبالمهملة الفعل نفسه، وقيل: هو بالمعجمة ما فعل تعمُدًا، وبالمهملة من غير تعمد، وقال: في حديث الإِحرام: "ثم أصبح محرمًا ينضح طيبًا" أي يفوح، فذكره في الحاء المهملة، ثم قال: والنَّضوح -بالفتح- ضرب من الطيب تفوح رائحته، وأصل النضح الرشح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح، وفي "المطالع" النضخ بالخاء المعجمة كاللطخ يبقى له أثر، قال ابن قتيبة: وهو أكثر من النضح بالمهملة، ولا يقال فيه: نضحت، وقد يكون معنى الحديث على هذا: يقطر ويسيل منه الطيب كما جاء في حديث محمد بن عروة: "وقد لطخ بالغالية، وجعل أبوه يقول: قطرت قطرت" وقيل: بالمعجمة فيما ثخن كالطيب، وبالمهملة فيما رق كالماء، وقيل: كلاهما سواء.

قوله: "ثم طاف في نسائه" أي على نسائه وكلمة "في" تجيء بمعنى "علي" كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (٤) أي على جذوع النخل.

ص: فقد بينا وجوه هذه الآثار، فاحتجنا بعد ذلك أن نعلم كيف وجه ما نحن فيه من الاختلاف من طريق النظر، فاعتبرنا ذلك، فرأينا الإِحرام يمنع من لبس القميص والسراويلات والخفاف والعمائم، ويمنع من الطيب وقتل الصيد وإمساكه، ثم رأينا الرجل إذا لبس قميصًا أو سراويل قبل أن يحرم ثم أحرم وهو عليه أن يؤمر بنزعه، وإن لم ينزعه وتركه عليه كان كمن لبسه بعد الإِحرام لبسًا


(١) "صحيح البخاري" (١/ ١٠٥ رقم ٢٦٧).
(٢) "المجتبى" (١/ ٢٠٣ رقم ٤١٧).
(٣) سورة الرحمن، آية: [٦٦].
(٤) سورة طه، آية: [٧١].

<<  <  ج: ص:  >  >>