للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقلًا، فيجب عليه في ذلك ما يجب عليه فيه لو استأنف لبسه بعد إحرامه، وكذلك لو صاد صيدًا في الحل وهو حلال فأمسكه في يده أمر بتخليته، وإن لم يخله كان إمساكه له بعد ما أحرم بصيده إياه المتقدم إلى كإمساكه إياه بعد إحرامه بصيد كان منه بعد إحرامه، فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكان الطيب محرمًا على المحرم بعد إحرامه كحرمة هذه الأشياء، كان ثبوت الطيب عليه بعد إحرامه وإن كان قد تطيب به قبل إحرامه كتطيبه به بعد إحرامه؛ قياسًا ونظرًا على ما بينا، فهذا هو النظر في هذا الباب، وبه نأخذ، وهو قول محمد بن الحسن -رحمه الله-.

ش: لما بين وجوه الأحاديث الواردة في هذا الباب، ورجح ما ذهب إليه محمد بن الحسن واختاره؛ أشار إلى أن وجه النظر والقياس أيضًا يقتضي ما ذهب إليه محمد بن الحسن -رحمه الله-.

بيانه: أن الإِحرام يمنع المحرم من لبس المخيط وتغطية الرأس واستعمال الطيب وقتل الصيد وإمساكه، حتى لو أحرم وهو متلبس بشيء من هذه الأشياء يؤمر بخلعه، فإن لم يطع واستمر عليه كان حكمه كحكم من أنشأ ذلك في إحرامه في وجوب الجزاء، فإذا كان الأمر كذلك، وكان الطيب محرمًا عليه بعد إحرامه، كان بقاؤه عليه بعد إحرامه وإن كان قد استعمله وهو حلال كاستعماله وهو محرم؛ قياسًا على ذلك ونظرًا عليه، والجامع: الارتفاق وهو محرم.

فإن قيل: بقاؤه ليس كابتدائه، والذي عليه أثر الطيب الذي تطيب به قبل الإِحرام لا يسمى متطيبًا، ولأن النهي [عن] (١) التطيب بعد الإِحرام، ولم يوجد.

قلت: قد ورد في الآثار: "أن الحاج هو الأذفر الأغبر" رواه ابن أبي شيبة (٢) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وبقاء الطيب عليه ينافي ذلك، وأيضًا يكون مرتفقًا به، والمحرم ممنوع عن ذلك، فاستوت فيه الحالتان.


(١) ليست في "الأصل، ك".
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٢٠٨ رقم ١٣٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>