وقد نهي عنه، قال عليّ: حديث رسول الله -عليه السلام- لا يحل خلافه، فيلبس السراويل كما هي ولا شيء في ذلك، وأما الخفان فحديث ابن عمر فيه زيادة القطع -حتى يكونا أسفل من الكعبين- على حديث ابن عباس، فلا يحل خلافه ولا ترك الزيادة. وعن سفيان، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي أنه قال: في المحرم لا يجد نعليه قال: "يلبس الخفين ويقطعهما حتى يكونا مثل النعلين" وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأبي سليمان، وبه نأخذ.
وروينا عن عائشة أم المؤمنين والمسور بن مخرمة إباحة لبس الخفين بلا ضرورة للمحرم من الرجال، وقال أبو حنيفة إن لم يجد إزارًا لبس سراويل، فإن لبسها يومًا إلى الليل فعليه دم، وإن لبسهما أقل من ذلك فعليه صدقة، وإن لبس خفين لعدم النعلين يوما إلى الليل فعليه دم، وإن لبسهما أقل من ذلك فصدقة، وقال مالك: من لم يجد إزارًا لبس سراويل وافتدى، وإن لم يجد النعلين قطع الخفين أسفل من الكعبين ولبسهما ولا شيء عليه، وقال محمد بن الحسن: يشق السراويل ولا شيء عليه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم الليث بن سعد وأبا حنيفة ومالكًا وأبا يوسف ومحمدًا، فإن عندهم المحرم إذا لم يجد إزارًا يلبس سراويل، وإذا لم يجد نعلين يلبس خفين، ولكن يجب عليه الفدية.
وفي "البدائع": المحرم إذا لم يجد الإزار وأمكنه فتق السراويل والتستر به فتقه فإن لبسه ولم يفتقه فعليه دم في قول أصحابنا، وقال الشافعي: يلبسه ولا شيء عليه، وإن لم يجد رداء وله قميص فلا بأس أن يشق قميصه ويرتدي به لأنه لما شقه صار بمنزلة الرداء، وكذا إذا لم يجد إزارًا فلا بأس أن يفتق سراويله خلا موضع التكة ويأتزر به، لأنه إذا فتقه صار بمنزلة الإزار، وكذا إذا لم يجد النعلن وله خفاف فلا بأس أن يقطعهما أسفل من الكعبين فيلبسهما. انتهى.