للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله -عليه السلام- بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، [لبيك] (١) لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله -عليه السلام- شيئاً منه، ولزم رسول الله -عليه السلام- تلبيته، قال جابر -رضي الله عنه-: لسنا ننوي إلاَّ الحج، ولا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام- فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٢) فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول -ولا أعمله ذكره إلاَّ عن النبي -عليه السلام-- كان يقرأ في الركعتين: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (٣) و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (٤) ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٥) أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلاَّ الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى [إذا] (٦) انصبت قدماه في بطن الوادي [سعي] (٦) حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى ولجعلتها عمرة، فمن كان


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "صحيح مسلم".
(٢) سورة البقرة، آية: [١٢٥].
(٣) سورة الإِخلاص.
(٤) سورة الكافرون.
(٥) سورة البقرة، آية: [١٥٨].
(٦) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "صحيح مسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>