بعسفان في المتعة، فقال علي -رضي الله عنه-: ما تريد إلاَّ أن تنهى عن أمر فعله رسول الله -عليه السلام-، فلما رأى ذلك علي منه أهل بهما جميعًا".
قوله: "بعُسْفان" أي في عسفان، والباء للظرفية و"عسفان" بضم العين وسكون السين المهملتين: قرية جامعة بها منبر على ستة وثلاثين ميلًا من مكة شرفها الله وقد مر الكلام فيه في كتاب الصوم.
قوله: "ثم أهل علي بهما جميعًا" أي ثم أحرم علي بالعمرة والحج جميعًا، وهذا هو عين القران، وذلك لأن من وجوه التمتع أن يتمتع الرجل بالعمرة إلى الحج، وهو أن يجمع بينهما فيهل بهما في أشهر الحج أو غيرها، يقول: لبيك بعمرة وحجة معًا وهذا هو القران، وإنما جعل القران من باب التمتع لأن القارن يتمتع بترك النصب في السفر إلى العمرة مرة وإلى الحج أخرى ويتمتع بجمعهما ولم يحرم لكل واحدة من مكانه، وضم الحج إلى العمرة يدخل تحت قوله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}(١) وهذا وجه من التمتع لا خلاف بين أهل العلم في جوازه، وأهل المدينة لا يجيزون الجمع بين العمرة والحج إلاَّ بسياق الهدي وهو عندهم بدنة لا يجوز دونها، ومما يدل على أن القران تمتع: قول عمر -رضي الله عنه-: "إنما جعل القران لأهل الآفاق، وتلا قول الله -عز وجل-: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(١) " فمن كان من حاضري المسجد الحرام وتمتع أو قرن لم يكن عليه دم قران ولا تمتع.
وقال أبو عمر: التمتع بالعمرة إلى الحج على أربعة أوجه، منها وجه واحد مجتمع عليه، والأوجه الثلاثة مختلف فيها.
فأما الوجه المجتمع عليه فهو التمتع المراد بقول الله -عز وجل-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}(١) وذلك أن يحرم الرجل بعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة وقيل: ذو الحجة كله. فإذا أحرم أحد