لها عروش، فمن قال: عروش فواحدها عرش، ومن قال: عُرش فواحدها عريش، مثل قليب وقلب، وقال بعضهم:"كافر بالعَرش" بفتح العين وسكون الراء وتأوله، وهو تصحيف، ثم إنه أراد بهذا الكلام أنهم تمتعوا قبل إسلام معاوية، وقيل: أراد بقوله كافرٌ الاختفاء والتغطي، يعني أنه كان مختفيًا في بيوت مكة، والأول أشهر لأنه صرح في الرواية الأخرى:"وهو يومئذ مشرك" وقد قالوا: إن المراد بقوله: فعلنا متعة الحج وهو يومئذ مشرك هو إحدى العمرتين المتقدمتين: إما الحديبية، وإما عمرة القضاء، فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية معه وقد أسلم لأنها كانت بعد الفتح، وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر، وهذا ظاهر، وقال القاضي: المراد بالمتعة المذكورة: الاعتمار في أشهر الحج والإِشارة بذلك إلى عمرة القضاء لأنها كانت في ذي القعدة، وقد قيل: إن في هذا الوقت كان إسلام معاوية، والأظهر أنه من مسلمة الفتح. وأما غير هذه من عمرة الجعرانة وإن كانت أيضًا في ذي القعدة، فمعاوية كان أسلم ولم يكن مقيمًا بمكة، وكان في عسكر النبي -عليه السلام- إلى هوازن في جملة أهل مكة، وكذلك في حجة الوداع لم يكن معاوية ممن تخلف عن الحج مع النبي -عليه السلام- ولا تخلف عنه غيره، إلاَّ أن يكون أراد فسخ الحج في العمرة التي صنعها من قدم مع النبي -عليه السلام-، فمعاوية أيضاً لا يثبت أنه كان مقيمًا بمكة حينئذٍ، وكيف وقد استكتبه النبي -عليه السلام- وكان معه بالمدينة، فلم يكن حينئذٍ مقيمًا بمكة.
ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن مسلم -وهو القُرِّي- قال: سمعت ابن عباس يقول: "أهلّ أصحاب رسول الله -عليه السلام- بالحج، وأهل هو بالعمرة، فمن كان معه هدي فلم يحل، ومن لم يكن معه هدي حلّ، وكان رسول الله -عليه السلام- وطلحة ممن معهما هدي فلم يحلا".
ش: إسناده صحيح، وأبو داود سليمان الطيالسي، ومسلم هو ابن المخراق العبدي القُرشي مولى بني قرّة حي من عبد القيس، روى له مسلم وأبو داود والنسائي.