للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -عليه السلام- عام حجة الوداع أفرد بالحج ولم يعتمر" قيل له: يجوز أن يكون هذا على معنى لا يخالف معنى ما روى الزهري، عن عروة، عن عائشة، وذلك أنه قد يجوز أن يكون الإِفراد الذي ذكره القاسم عن عائشة إنما أرادت به إفراد الحج في وقت ما أحرم به، وإن كان قد أحرم بعد خروجه منه بعمرة، فأرادت أنه لم يخلطه في وقت إحرامه به بإحرام بعمرة كما فعل غيره ممن كان معه، وأما حديث محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة فإنها أخبرت أن منهم من أهل بعمرة لا حجة معها، ومنهم من أهل بحجة وعمرة تعني مقرونين، ومنهم من أهل بالحج ولم تذكر في ذلك التمتع، فقد يجوز أن يكون الذين قد كانوا أحرموا بالعمرة أحرموا بعدها بحجة، ليس حديثها هذا ينفي من ذلك شيئًا، وأنها قالت: وأهل رسول الله -عليه السلام- بالحج مفردًا فقد يجوز أن يكون ذلك الحج المفرد بعد عمرة قد كانت تقدمت منه مفردة، فيكون أحرم بعمرة مفردة على ما في حديث القاسم ومحمد بن عبد الرحمن عن عروة، ثم أحرم بعد ذلك بحجة على ما في حديث الزهري عن عروة، حتى تتفق هذه الآثار ولا تتضاد، فأما معنى ما روت أم علقمة عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -عليه السلام- أفرد الحج ولم يعتمر، فقد يجوز أن تكون تريد بذلك أنه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج كما فعل من كان معه، ولكنه اعتمر بعد ذلك.

ش: لما كانت أحاديث عائشة -رضى الله عنها- في هذا الباب متعارضة ظاهرًا، وجه ذلك ظاهر فيما ذكره يتأتى فيها سؤال من كل واحد من أهل المقالتين على الآخر، فلذلك ذكره بصورة السؤال والجواب وهما ظاهران، وقال أبو عمر: الاضطراب عن عائشة في حديثها هذا في الحج عظيم، وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه، ودفع بعضهم بعضها ببعض ولم يستطيعوا الجمع بينها، ورام قوم الجمع في بعض معانيها، روى محمد بن عُبيد، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مُليكة قال: ألا تعجب من اختلاف عروة والقاسم؟ قال القاسم: أهلت عائشة بالحج وقال عروة: أهلت بالعمرة. وذكر الحارث بن مسلمة، عن يوسف بن عمرو، عن ابن وهب، عن مالك أنه قال في حديث عروة عن عائشة في الحج: ليس عليه العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>