للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج، والحج أشهر معلومات فأخلصوا فيهن الحج واعتمروا فيما سواهن من الشهور".

قال: فأراد عمر بذلك تمام العمرة، لقول الله -عز وجل- {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١) وذلك أن العمرة التي يتمتع فيها بالحج لا تتم إلاَّ بأن يهدي صاحبها هديًّا أو يصوم إن لم يجد هديًّا ومن العمرة في غير أشهر الحج تتم بغير هدي ولا صيام، فأراد عمر -رضي الله عنه- أن يزار البيت في كل عام مرتين وكره أن يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج فيلزم الناس ذلك فلا يأتموا البيت إلاَّ مرة واحدة في السنة فأخبر ابن عمر عن عمر في هذا الحديث أنه إنما أمر بإفراد العمرة من الحج لئلَّا يلزم الناس ذلك فلا يأتون البيت إلاَّ مرة واحدة في السنة لا لكراهية التمتع؛ لأنه ليس من السنة، فأما قوله: "إنه أتم لعمرة أحدكم وحجته أن يفرد كل واحدة من صاحبتها" فإن ما روينا عن ابن عباس عنه يدل على خلاف ذلك.

ش: السؤال ظاهر وتقدير الجواب أن يقال: لا نسلم أن قول عمر "أفردوا بالحج" يدل على أنه يكره التمتع والقران لعدم استلزام كلامه ذلك وإنما أراد بهذا الكلام معنى بينه ابنه عبد الله بن عمر فيما روى عن عمر أنه قال: "افصلوا بين حجكم وعمرتكم" فإنه أراد بذلك: أن نفرد أشهر الحج للإِحرام بالحج ونحرم للعمرة في سائر الشهور؛ لتقع زيارة البيت مرتين كل عام.

وقال أبو عمر: هذا الكلام من عمر -رضي الله عنه- إفراط في استحسان الإِفراد بالحج ولا أعلم أحدًا من أهل العلم كره العمرة في أشهر الحج غير عمر -رضي الله عنه-، وقد ثبت عن النبي -عليه السلام- لم تكن عمرته إلاَّ في شوال وقيل: في ذي القعدة وهما جميعًا من أشهر الحج، وقال أيضًا: ولا خلاف بين العلماء أن للمحرم بالعمرة إدخال الحج عليها ما لم يبتدئ بالطواف بالبيت لعمرته هذا إذا كان ذلك في أشهر الحج على أن جماعة منهم وهم أكثر أهل الحجاز يستحبون أنه لا يدخل المحرم الحج على العمرة حتى يفرغ


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>