للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد عن حميد عن بكر قال: "أخبرت بن عمر بقول أنس فقال: نسي أنس فلما رجع قال: بكر لأنس: إن ابن عمر يقول: نسي فقال: إن تعدونا إلَّا صبيانًا، بل سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لييك بعمرة وحجة معًا".

أفلا ترى أن ابن عمر إنما أنكر على أنس قوله: إن رسول الله -عليه السلام- أهل بهما جميعًا، وإنما كان الأمر عند ابن عمر أن رسول الله -عليه السلام- أهل بحجة ثم صيرها عمرة بعد ذلك وأضاف إليها حجة فصار حينئذ قارنًا، فأما في بدء إحرامه فإنه كان عنده مفردًا.

ش: هذه أربع طرق صحاح: عن أنس -رضي الله عنه- يخبر فيها أن رسول الله -عليه السلام- كان قارنًا، ذكرها ها هنا ليبين أن إنكار عبد الله بن عمر على أنس فيه إنما كان على قوله: إنه -عليه السلام- أهل بالعمرة والحج جميعًا، لا على أنه أنكر عليه القران، فإن الحكم عند ابن عمر أنه -عليه السلام- أهل بحجة وحدها ثم صيرها عمرة ثم أضاف إليها حجة فصار في ذلك الوقت قارنًا لا من أول الأمر؛ لأنه كان في أول الأمر عنده مفردًا وبهذا يحصل التوفيق بين كلامي أنس وابن عمر -رضي الله عنهم-.

والتحقيق فيه أن ابن عمر -رضي الله عنهما- لم يكن وقف على حقيقة أمر الرسول -عليه السلام- في بدء الأمر فلذلك أنكر على أنس، وأنس -رضي الله عنه- فممن وقف على حقيقة الأمر حيث قال بالتصريح: سمعت رسول الله -عليه السلام- أهل بهما جميعًا فإن قيل: قد قال البيهقي: يحتمل أن يكون سمع النبي -عليه السلام- يعلم غيره كيف يهل بالقران لا أن يهل بهما عن نفسه، قلت: ذكر ابن حزم في "حجة الوداع" أن ستة عشر من الثقات اتفقوا على أنس، على أن لفظ النبي -عليه السلام- كان إهلالًا بحجة وعمرة معًا وصرحوا عن أنس أنه سمع ذلك منه -عليه السلام- والقول بأنه يحتمل .... إلى آخره. رد للحديث الصريح بمجرد احتمال بعيد يمكن أن يقال في رواية من روى أنه -عليه السلام- أفرد أو تمتع وكيف يصلح ذلك مع قوله: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لبيك بعمرة وحجة معًا؟! فإن قيل: إنما رد ابن عمر على أنس قوله: أهلَّ رسول الله -عليه السلام- بحج وعمرة لأجل صغر

<<  <  ج: ص:  >  >>