للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إلَّا" أي في قوله "لولا أني سقت الهدي" استثناء من قوله: "قد يجوز أن يكون إحرامه أولا بحجة" بيانه أنه لو كان إحرامه بحجة لكان هديه الذي ساقه تطوعًا، فالهدي التطوع لا يمنع من الإِحلال الذي يحله الرجل، فقوله: "لولا أني سقت الهدي .. " إلى آخره. دليل على أن سوقه الهدي كان حين اعتمر بعمرة يريد بها التمتع إلى الحج، فلذلك لم يحل حين حل أصحابه، فثبت بذلك أن هديه لما كان منعه من الإِحلال وأوجب ثبوته على الإِحرام، إلى يوم النحر كان غير هدي التطوع، وأن إحرامه كان أولاً بعمرة ثم اتبعها حجة، فكان بذلك متمتعًا، ثم أحرم بحجة مفردة فصار بذلك قارنًا لها إلى عمرته المتقدمة كما ذكره هكذا فيما مضى عند حديث عائشة وعمران بن حصين -رضي الله عنهما-.

ص: ولما ثبت بما وصفنا إباحة العمرة في أشهر الحج، أردنا أن ننظر هل الهدي الواجب في القران لنقصان دخل العمرة أو الحجة إذا قرنتا أم لا؟ فرأينا ذلك الهدي يؤكل منه، وكذلك رسول الله -عليه السلام- فعله.

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله في الحديث الطويل قال: "وكان علي -رضي الله عنه- قدم من اليمن يهدي رسول الله -عليه السلام- وكان جماعة الهدي الذي قدم به رسول الله -عليه السلام- وعلي من اليمن مائة بدنة فنحر رسول الله -عليه السلام- منها ثلاثاً وستين بيده ونحر علي -رضي الله عنه- سبعًا وثلاثين، فأشرك عليًّا في هديه، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلت في قدر وطبخت، فأكل رسول الله -عليه السلام- وعلي -رضي الله عنه- من لحمها، وشربا من مرقها، فلما كان رسول الله -عليه السلام- قد ثبت عنه بما قد ذكرنا قبل هذا الفصل أنه قرن، وأنه كان عليه لذلك هدي، ثم أهدي هذه البدن التي ذكرنا، فكل من كل بدنة ما وصفنا، ثبت بذلك إباحة الأكل من هدي المتعة والقران، فلما كان ذلك الهدي مما يؤكل منه، اعتبرنا حكم الدماء الواجبة للنقصان هل هي كذلك أم لا، فرأينا الدم الواجب في قص الأظفار وحلق الشعر والجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>