للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهدي، فقال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا".

وأخرجه النسائي (١): عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج ... إلى آخره نحوه.

قوله: "إذا ألجئت إليها" أبي إذا اضطررت إليها، أي إلى ركوبها.

ص: ثم اعتبرنا حكم ذلك من طريق النظر كيف هو؟ فرأينا الأشياء على ضربين:

فمنها: ما الملك فيها متكامل لم يدخله شيء (يزيله) (٢) عنه شيئاً من أحكام الملك كالعبد الذي لم يدبره مولاه، وكالأمة التي لم تلد من مولاها، وكالبدنة التي لم يوجبها صاحبها، فكل ذلك جائز بيعه وجائز الاستمتاع به وجائز تمليك منافعه بإبدال وبلا إبدال.

ومنها: ما قد دخله شيء منع من بيعه ولم يُزل عنه حكم الانتفاع به، من ذلك: أم الولد التي لا يجوز لمولاها بيعها، والمدبر -في قول من لا يرى بيعه- فذلك لا بأس بالانتفاع به وبتمليك منافعه التي لربِّه أن ينتفع بها بإبدال وبلا إبدال، وكان ما له أن ينتفع به فله أن يملك منافعه من شاء بإبدال وبلا إبدال.

ثم رأينا البدنة إذا أوجبها ربها كلٌ قد أجمع أنه لا يجوز له أن يؤجرها ألَّا يتعوض بمنافعها بدلاً، فكما كان ليس له له تمليك منافعها ببدل كان كذلك ليس له الانتفاع بها ولا يكون له الانتفاع بشيء إلَّا شيء له التعوض بمنافعه إبدالًا منها، فهذا هو النظر أيضًا، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أي ثم اعتبرنا حكم ركوب الهدي من طريق النظر والقياس، ووجهه ظاهر.


(١) "المجتبى" (٥/ ١٧٧ رقم ٢٨٠٢).
(٢) كذا في "الأصل، ك"، وفي "شرح معاني الآثار": "يزيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>