للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة روى له الجماعة، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

وأخرجه مسلم (١): حدثني أبو كريب، قال: ثنا حفص بن غياث، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله: "أن رسول الله -عليه السلام- أمر محرمًا بقتل حية بمنى".

وقال ابن بطال: أجمع العلماء على جواز قتل الحية في الحل والحرم، وقال الطبري: فإن قيل: قد صح أمر النبي -عليه السلام- بقتل الحيات، فما أنت قائل في قوله أيضًا: نهى عن قتل حيات البيوت؟ قيل له: اختلف السلف قبلنا في ذلك، فقال بعضهم بظاهر الأمر بقتل الحيات كلها من غير استثناء شيء منها، كما روى أبو إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، قال رسول الله -عليه السلام-: "اقتلوا الحيات كلهن، فمن خاف ثأرهن فليس مني" (٢) وروي هذا أيضًا عن عمر (٣) -رضي الله عنه-.

وقال آخرون: لا ينبغي أن نقتل عوامر البيوت وسكانها إلَّا بعد مناشدة العهد الذي أخذ عليهن، فإن ثبت بعد إنشاده قتل، قال الطبري: وجميع هذه الأخبار عن النبي -عليه السلام- حق وصدق وليس في شيء منها خلاف لصاحبه، والرواية عنه أنه أمر بقتل الحيات من غير استثناء شيء منها خبر مجمل بين معناه الخبر الآخر، نهى عن قتل جنان البيوت إلَّا بعد النشدة حذار الإِصابة فيلحقه ما لحق الفتى المعرس بأهله، روى ابن أبي مليكة، عن عائشة بنت طلحة: "أن عائشة -رضي الله عنها- رأت في مغتسلها حية فقتلتها، فأتيت في منامها، فقيل لها: إنك قتلت مسلمًا، فقالت: لو كان مسلمًا ما دخل على أمهات المؤمنين فقيل: ما


(١) "صحيح مسلم" (٤/ ١٧٥٥ رقم ٢٢٣٤).
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" (٤/ ٣٦٣ رقم ٥٢٤٩)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ٣٥١ رقم ٩٧٤٧)، (١٠/ ١٧٠ رقم ١٠٣٥٥).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ٢٦١ رقم ١٩٩٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>