للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنهاهم الله -عز وجل- في هذه الآية عن قتل الصيد، وأوجب عليهم الجزاء في قتلهم إياه، فدل ما ذكرنا أن الذي حرم على المحرمين من الصيد هو قتله.

ش: أراد بالمخالفين هؤلاء: أهل المقالة الأولى وهم الشعبي وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والثوري والليث بن سعد ومالك -في رواية- وإسحاق في رواية فإنهم احتجوا فيما ذهبوا إليه بهذا الحديث، وقالوا: لا يحل للمحرم أن يأكل لحم صيد مطلقًا بأي وجه كان.

وأخرجه عن محمد بن خزيمة، عن الحجاج بن المنهال شيخ البخاري، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن يزيد بن أبي زياد القرشي، فيه مقال، فعن يحيى: لا يحتج بحديثه. وعن أبي حاتم: ليس بالقوي. روى له مسلم مقرونًا بغيره، واحتجت به الأربعة، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي روى له الجماعة، عن أبيه الحارث بن نوفل ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين، وفي "التهذيب": الحارث بن نوفل بن الحارث والد عبد الله، له ولأبيه صحبة.

والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (١): بوجوه متعددة وقد ذكرنا بعضها.

قوله: "فقيل لهم" أي لهؤلاء المخالفين المحتجين بهذا الحديث، وأراد به الجواب عن الحديث وهو ظاهر قوله، وقوله -عز وجل-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ} (٢) ... إلى آخره، جواب عما ذهب إليه علي -رضي الله عنه- استدلالًا بالآية الكريمة، أن معنى قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (٢) هو الصيد الذي يصيدونه [لا] (٣) مطلق الصيد، ألا ترى أن الله تعالى أوجب على المحرم الجزاء في قتله الصيد بقوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٤)، فدل ذلك أن الذي حرم على


(١) تقدم من عدة طرق.
(٢) سورة المائدة، آية: [٩٦].
(٣) في "الأصل، ك": "ألا"، وما أثبتناه مقتضى السياق.
(٤) سورة المائدة، الآية: [٩٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>