ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء بن أبي رباح وطاوس بن كيسان والقاسم وعروة بن الزبير والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم ذهبوا إلى حديث جبير بن مطعم وابن عباس، فقالوا: تباح الصلاة لأجل الطواف في أي وقت كان من الليل والنهار.
وفي "شرح الموطأ" في هذا ثلاثة أقوال:
أحدها: إجازة الطواف بعد الصبح وبعد العصر وتأخير الركعتين حتى تطلع الشمس أو تغرب، وهو مذهب عمر وأبي سعيد الخدري ومعاذ بن عفراء وجماعة. وهو قول مالك.
والثاني: كراهة الطواف وكراهة الركوع في الوقتين، قاله سعيد بن جبير ومجاهد وجماعة؛ للنهي عن الصلاة في الوقتين، ولأن الطواف لا يتم إلَّا بالركعتين، وسنتهما أن لا يفرق بينهما.
والثالث: إباحة ذلك كله في الوقتين. وبه قال الشافعي، وقاله ابن عمر وابن عباس وابن الزبير والحسين والحسن وعطاء وطاوس والقاسم وعروة.
وهو أحد قولي أبي حنيفة، وكره الثوري الطواف في الوقتين، فإن طاف فلا يركع حتى تحل صلاة النافلة، وقاله أبو حنيفة.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا حجة لكم في هذه الآثار؛ لأن ما أباح رسول اللَّه -عليه السلام- فيها، وأمر بني عبد مناف أن لا يمنعوا أحدًا منه من الطواف والصلاة هو الطواف على سبيل ما ينبغي أن يطاف، والصلاة على سبيل ما ينبغي أن تصلى، فأما على ما سوى ذلك فلا، أفلا ترى أن رجلاً لو طاف بالبيت عريانًا أو على غير وضوء أو جُنُبًا أن عليهم أن يمنعون من ذلك؟ لأنه طاف على غير ما ينبغي الطواف عليه، وليس ذلك بداخل فيما أمرهم رسول اللَّه -عليه السلام- ألَّا يمنعوا منه من الطواف، فكذلك قوله:"لا تمنعوا أحدًا يصلي" هو على ما أمر أن يصلى عليه من الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة في الأوقات التي أبيحت الصلاة فيها، فأما ما