للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما تقول فيما أخرجه الدارقطني (١) ثم البيهقي (٢) من حديث عبد اللَّه بن المؤمل، عن جعفر مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، عن أبي ذر، سمعت رسول اللَّه -عليه السلام- يقول: "لا يصلين أحد بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلَّا بمكة يقول ذلك ثلاثاً؟ ".

قلت: قال صاحب "البدائع": هذا خبر شاذ فلا يعارض الخبر المشهور.

وقلت أنا: ابن المؤمل ضعيف، وجعفر الأعرج ليس بالقوي، ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر.

ص: وكان مما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم في ذلك ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا بشر بن السري، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن عبد اللَّه بن باباه قال: "طاف أبو الدرداء بعد العصر، وصلى قبل مغارب الشمس، فقلت: أنتم أصحاب محمد -عليه السلام- تقولون: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فقال: إن هذا البلد ليس كسائر البلدان".

فقالوا: فقد دلَّ قول أبي الدرداء على أن الصلاة للطواف لم يدخل فيها نهي عن النبي -عليه السلام- من الصلاة في الأوقات التي ذكرتم.

قيل لهم: فأنتم لا تقولون بهذا الحديث؛ لأنا قد رأيناكم تكرهون الصلاة بمكة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لغير الطواف؛ لنهي النبي -عليه السلام- عن الصلاة في تلك الأوقات، ولا تخرجون حكم مكة في ذلك من حكم سائر البلدان، وأبو الدرداء فقد أخرج في الحديث الذي احتجتم به حكم مكة من حكم سائر البلدان في المنع من الصلاة في ذلك وأخبر أن النهي لم يدخل حكمها فيه، وأنه إنما أريد به ما سواها،

مع أنه قد خالف أبا الدرداء في ذلك عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-.


(١) "سنن الدارقطني" (٢/ ٢٦٥ رقم ١٣٦).
(٢) "السنن الكبرى" (٢/ ٤٦١ رقم ٤٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>