للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أراد بهذه الآثار الأحاديث التي رواها في هذا الباب، وأراد بقوله: "فقد بيَّن رسول -عليه السلام-" ما بينه في حديث بلال بن الحارث -رضي الله عنه- وأراد بقوله: "وخلطنا بما روى عن النبي -عليه السلام- في ذلك ما رويناه عمن ذكرنا في هذا الفصل" أي الفصل الثاني الذي ذهب إليه أهل المقالة الثانية ما رواه عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- وهم: أبو ذر الغفاري، وعثمان بن عفان، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وبعض أجداد كثير بن عبد الله، وعبد الله بن هلال المزني -رضي الله عنهم-.

قوله: "من جهة ما وُقِّفُوا" عليه على صيغة المجهول، أراد أنهم قالوا ذلك من جهة التوقيف من النبي -عليه السلام-؛ لأن ذلك ليس مما يعلم بالرأي.

فإن قيل: وكيف يكون ذلك وقد قال -عليه السلام- لسراقة بن مالك: "بل لأبد الأبد" حين قال: "يا رسول الله هي لنا أو للأبد" وفي رواية "لعامنا هذا أم للأبد"؟

قلت: أراد به سراقة: عمرتنا هذه في أشهر الحج لنا في هذا العام أو للأبد -أو لعامنا هذا أم للأبد- فأجاب رسول الله -عليه السلام- فقال: هي للأبد، وذلك لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة إلا في غير أشهر الحج، فلما أمرهم النبي -عليه السلام- بأن يجعلوا حجتهم عمرة وكان ذلك في أشهر الحج اشتبه على سراقة أن هذا في هذه السنة أم للأبد، فأزال رسول الله -عليه السلام- ما شك فيه بقوله: "بل هي للأبد"، ألا ترى كيف صرَّح في رواية النسائي بقوله: "يا رسول الله أرأيت عمرتنا هذه لعامنا هذا أو للأبد؟ قال: هي للأبد"، فثبت من هذا شيئان:

الأول: أن الفسخ كان لهم خاصة.

والثاني: أن إجازة العمرة في أشهر الحج كان لهم وللناس من بعدهم إلى يوم القيامة.

قوله: "لا يكون بالطواف بالبيت" أراد به الطواف قبل وقوفه بعرفة، وفي بعض النسخ: "لا يكون إلاَّ بالطواف بالبيت" فإن صح هذا فيكون المراد من الطواف هو طواف الزيارة يوم النحر؛ لأن المحرم لا يخرج منه إلاَّ يوم النحر، فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>