بيانه: أن بكر بن عبد الله المزني روى عن عبد الله ابن عمر: "أن رسول الله -عليه السلام- وأصحابه قدموا مكة ملبين .... الحديث".
أخرجه بإسناد صحيح في هذا الباب، عن محمد بن خزيمة، عن حجاج، عن حماد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وهذا يدل على أنه -عليه السلام- أباح لهم أن يحلوا إن شاءوا الإِحلال ولم يعزم عليهم ذلك، فيجوز أن يكونوا لم يحلوا مع كون الإِحلال جائزًا لهم، فيصير هذا فسخ الحج في العمرة لمن شاء أن يفسخه.
والحاصل أنه يُفهم من ذلك جواز فسخ الحج في العمرة لهم، وإن كانوا لم يفعلوا ذلك لأنه -عليه السلام- خيرهم فيه، فكان لهم أن يفعلوا وكان لهم أن يتركوا لأنه لم يعزم عليهم، فثبت بذلك الفسخ، على أن الظاهرية ادعوا أنه -عليه السلام- عزم به عليهم، حتى قالوا: إن الفسخ واجب إلى الآن ولم ينسخ حكمه.
ونحن نقول: الفسخ كان مباحًا لهم ولكنه انتسخ بما ذكرناه. والله أعلم.
قوله:"لا أنه عزم عليهم" أي لا أنه فرض عليهم الإِحلال بعد الطواف بالبيت.
ص: وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"خرجنا مع رسول الله -عليه السلام- عام حجة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة ومنا [من](١) أهلّ بحج، وأهلّ رسول الله -عليه السلام- بالحج، فاما من أهلّ بعمرة فحل، وأما من أهلّ بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحل، حتى كان يوم النحر".
فقد يجوز أن يكون ذلك عندها كما كان عند ابن عمر على ما ذكرنا.
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".