للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان قد ساق هديًا لمتعة، وطاف لعمرة وسعى لم يحل من عمرته حتى يوم النحر، فيحل منها ومن حجته إحلالًا واحدًا، وبذلك جاءت السُنة عن رسول الله -عليه السلام- جوابًا لحفصة -رضي الله عنها- لما قالت له: "ما بال الناس حلُّوا ولم تحل أنت من عمرتك؟ قال: إني لَبَّدت رأسي وقلدت بُدني، فلا أُحِل حتى أنحر".

فكان الهدي الذي ساق لمتعته التي لا يكون عليه فيها هدي إلاَّ بأن يحج [بعدها] (١) يمنعه من أن يحل بالطواف حتى يوم النحر؛ لأن عقد إحرامه هكذا كان: أن يدخل في عمرة فيتمها فلا يحل منها حتى يحرم بحجة، ثم يحل منها ومن العمرة التي قدمها قبلها معًا، وكانت العمرة لو أحرم بها منفردة حل منها بفراغه منها إذا حلق ولم ينتظر به يوم النحر، وكان إذا ساق الهدي لحجة يحرم بها بعد فراغه من تلك العمرة بقي على إحرامه إلى يوم النحر، فلما كان الهدي الذي هو من سبب الحج يمنعه الإِحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر، كان دخوله في الحج أحرى أن يمنعه من ذلك إلى يوم النحر، فهذا هو النظر أيضًا عندنا، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله.

ش: أي فهذا الذي ذكرناه وجه هذا الباب من طريق التوفيق بين الآراء وتصحيح معانيها.

وأما وجهه من طريق النظر والقياس فإنا قد وجدنا ... إلى آخره. تلخيصه:

أن المعتمر يحل بمجرد الطواف والسعي ما لم يكن سائق هدي، فإن كان سائق هدي لأجل التمتع لا يحل إلاَّ يوم النحر، فيحل منها ومن حجته التي تمتع بها إلى العمرة بإِحلال واحد، فإذا كان سوق الهدي لأجل تمتعه بالحج إلى العمرة يمنعه من الإِحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر، كان دخوله في الحج من الابتداء أحرى أن يمنعه من الإِحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر.


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>