للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في إدخال العمرة على الحج، فقال أبو حنيفة وأصحابه: من أضاف عمرة إلى حج لزمته وصار قارنًا، وأساء فيما فعل.

وقال مالك: لا يضاف الحج إلى العمرة ولا العمرة إلى الحج، قال: فمن فعل ذلك فليست العمرة بشيء، ولا يلزمه لذلك شيء، وهو حاج مفرد، وكذلك من أهلَّ بحجة فأدخل عليها حجة أخرى، أو أهلَّ بحجتين لم يلزمه إلاَّ واحدة ولا شيء عليه، وهذا كله قول الشافعي والمشهور من مذهبه. وقال أبو حنيفة: من أهلَّ بحجتين أو عمرتين لزمتاه، وصار رافضًا لإِحديهما.

ص: وكان من حجتنا عليهم لمخالفتهم: أنا قد روينا عن عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فيما تقدم من هذا الباب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع تمتع وتمتع الناس معه، والمتمتع قد علمنا أنه الذي يهل بحجة بعد طوافه للعمرة، ثم قالت عائشة -رضي الله عنها- في حديث مالك عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: "خرجنا مع النبي -عليه السلام- في حجة الوداع فأهللنا بعمرة، فأخبرت أنهم دخلوا في إحرامهم كما يدخل المتمتعون، قالت: ثم قال رسول الله -عليه السلام-: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما" ولم يبين في هذاالحديث الموضع الذي قال لهم فيه هذا القول، فقد يجوز أن يكون قاله لهم قبل دخول مكة، أو بعد دخول مكة قبل الطواف فيكونون قارنين بتلك الحجة للعمرة التى كانوا أحرموا بها قبلها، ويجوز أن يكون قال لهم ذلك بعد طوافهم للعمرة فيكونون متمتعين بتلك الحجة التي أمرهم بالإِحرام بها.

فنظرنا في ذلك فوجدنا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري -رضي الله عنهم- قد أخبرا في حديثيهما اللذين رويناهما عنهما في باب: فسخ الحج، أن رسول الله -عليه السلام- قال ذلك القول في آخر طواف العمرة على المروة، فعلمنا أن قول عائشة -رضي الله عنها- في حديث مالك: "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة التي قد كانوا طافوا لها طوافًا واحدًا؛ لأن حجتهم تلك المضمومة مع العمرة كانت مكيَّة، والحجة المكية

<<  <  ج: ص:  >  >>