للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يطاف لها قبل عرفة إنما يطاف لها بعد عرفة، على ما كان ابن عمر يفعل فيما رويناه [عنه] (١)، فقد عاد معنى ما روينا عن عائشة في هذا الباب وما صححنا من ذلك لننفي التضاد عنه إلى معنى ما روينا عن ابن عمر وما صححنا من ذلك، فليس شيء من هذا يدل على حكم القارن حجة كوفية مع عمرة كوفية كيف طوافه لهما، هل هو طواف واحد أو طوافان؟

ش: هذا جواب عن احتجاج أهل المقالة الأولى بحديث عائشة في أن القارن يكفيه طواف واحد، وحاصله يؤدي إلى أن حديث عائشة المذكور لا يدل على أن القارن بين الحجة والعمرة الكوفيتين كيف طوافه لهما؟ هل هو طواف واحد أم طوافان؟ بيان ذلك مبني عل تمهيد كلام قبله، وهو أن حديث عائشة -رضي الله عنها- يعارضه حديثها الآخر، وهو ما رواه عقيل بن خالد الأيلي، عن الزهري، عن عروة، عنها: "أنه -عليه السلام- في حجة الوداع تمتع وتمتع الناس معه" وقد مرَّ ذكره في باب: ما كان النبي -عليه السلام- محرمًا في حجة الوداع، فإذا وفق بين الحديثين واندفعت المعارضة علم ما ادعينا، وعلم أيضًا أن معنى حديثها يرجع إلى معنى حديث ابن عمر المذكور قبله الذي احتج به أهل المقالة الأولى من أن القارن يطوف طوافًا واحدًا، فنقول: من المعلوم أن المتمتع هو الذي يهل بحجة بعد طوافه للعمرة، وأخبرت عائشة في حديث مالك أنهم دخلوا في إحرامهم كما يدخل المتمتعون وقالت: "ثم قال رسول الله -عليه السلام-: من كان معه هدي ... الحديث" ولكنها لم تبين في هذا الحديث الموضع الذي قال لهم -عليه السلام- هذا القول، ثم هو يحتمل أن يكون قال لهم ذلك قبل دخول مكة، ويحتمل أن يكون بعد دخول مكة قبل الطواف، فيكونون قارنين بتلك الحجة والعمرة التي كانوا أحرموا بها قبل تلك الحجة، ويحتمل أن يكون قال لهم ذلك بعد طوافهم للعمرة فيكونون متمتعين بتلك الحجة التي أمرهم بالإِحرام بها، فنظرنا في ذلك فوجدنا قد بين ذلك في حديث جابر وأبي سعيد؛ فإنهما أخبرا في


(١) ليست في "الأصل، ك" والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>