يجز حملها أيضًا على ما ذكر؛ لأنها تقتضي اقتصارًا على طواف واحد لكل ما حصل به الجمع، والجمع إنما حصل بالعمرة والحج جميعًا، فيقتضي اقتصارًا على طواف واحد لهما جميعًا لا لأحدهما، والتمتع لا يقتصر على طواف واحد بالإِجماع؛ فدل أنها أرادت بهذا الجمع: جمع قران.
قلت: لم يفهم البيهقي كلام الطحاوي هذا فلذلك شنَّع عليه هذا التشنيع الباطل إظهارًا للتعصب المحض، ألا ترى كيف تأول قولها:"فإنما طافوا طوافًا واحدًا" أنها أرادت بهذا السعي بين الصفا والمروة؟! فما الضرورة إلى تأوبل الطواف بالسعي؟! بل المراد الطواف بالبيت، وقوله: يقتضي اقتصارًا على طواف واحد ... إلى آخره. ليس كذلك؛ لأنه قال: إن حجتهم تلك صارت مكيَّة، والحجة المكية يطاف لها بعد عرفة، فإذا كان كذلك يقتصر المتمتع على طواف واحد، على أنَّا نقول أحاديث عائشة -رضي الله عنها- في هذا الباب مضطربة جدًّا لا يتم بها الاستدلال لأحد من الخصوم، وقد قالت في رواية:"أهللنا بعمرة" وفي أخرى: "فمنا من أهلَّ بعمرهّ ومنا من أهلَّ بحج -قالت-: فلم أهلّ إلاَّ بحج" وفي أخرى: "مهلين بالحج"، والكل صحيح، وفي رواية:"وكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي"، حتى قال مالك: ليس العمل على حديث عروة عنها قديمًا ولا حديثًا.
ص: واحتج الذين ذهبوا إلى أن القارن يجزئه لعمرته وحجته طواف واحد أيضًا بما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح).
وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قالا: ثنا ابن عُيينة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه السلام- قال لها:"إذا رجعت إلى مكة فإن طوافك يكفيك لحجك وعمرتك".
قالوا: فقد أخبر رسول الله -عليه السلام- أن الذي عليها لحجها وعمرتها طواف واحد.
ش: احتج أهل المقالة الأولى أيضًا فيما ذهبوا إليه من أن القارن يكفيه طواف واحد بحديث عطاء عن عائشة -رضي الله عنها-.