للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه مسلم (١): عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -عليه السلام- في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة، قالت: فقال رسول الله -عليه السلام-: من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة، قالت: فكان من القوم من أهل بعمرة ومنهم من أهل بحج، قالت: فكنت أنا ممن أهل بعمرة، فخرجنا حتى قدمنا مكة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي، فشكوت ذلك إلى النبي -عليه السلام-، فقال: دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلِّي بالحج، قالت: ففعلت، فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا؛ أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأردفني وخرج بي إلى التنعيم، فأهللت بعمرة، فقضى الله حجنا وعمرتنا، ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم".

قوله: "فبينت عائشة .. " إلى آخره. أشار به إلى أن طواف عائشة لحجتها لم يكن لأجل حجتها وعمرتها كما قاله الخَصْمُ. واستدل به على أن القارن يطوف طوافًا واحدًا؛ لأنها بينت في هذا الحديث أن حجتها كانت مفصولة من عمرتها؛ لأنها عملت بينهما من الأمور التي تفعل للإِحلال، كنقض الشعر والامتشاط، فإذا كان كذلك فكيف يجوز أن يكون طوافها لأجل حجتها التي هي فيها مجزئة عنها، وعن عمرتها؟! وهذا مستبعد محال.

قوله: "وهو أولى من حديث أبي الزبير عن جابر". أي: وهذا الحديث الذي رواه عروة من حديث أبي الزبير محمد بن مسلم المكي، عن جابر، في بيان الحكم وظهور الحال، وذلك أن حديث جابر يخبر بقضية عائشة وأنها لم تكن حلت بين عمرتها وحجتها.

وحديث عروة عنها يخبر بأنه -عليه السلام- أمرها قبل دخولها في حجتها أن تدع عمرتها وأن تفعل ما يفعله الحلال مما ذكرت في حديثها.


(١) "صحيح مسلم " (٢/ ٨٧٢ رقم ١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>