للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة، وأعجب من هذا أن الدارقطني (١) روى من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: "أن النبي -عليه السلام- قرن العمرة والحج، وطاف لهما واحدًا" والحال أنه روى من هذا الطريق أيضًا: "أنه -عليه السلام- أفرد الحج".

قوله: "وعن ابن جريج". أي ورويتم أيضًا عن عبد الملك بن جريج وعبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي وعمرو بن دينار وقيس بن سعد المكي، عن عطاء بن أبي رباح المكي، عن جابر بن عبد الله: "أنه -عليه السلام- أهل بالحج مفردًا"

ثم تروون عن جابر أيضًا أنه قرن" وهذا تناقض لا يخفى.

وجواب آخر: أن الحديث ضعيف كما ذكرنا، فانظر إلى أدب الطحاوي -رحمه الله-: ومتانة دينه كيف أجاب عن هذا الحديث بالطريق المذكور، ولم يتعرض إلى أحد من رجاله بشيء من القدح والطعن، ولو كان غيره وكان في معرض الاستدلال علينا لم يكن جوابه عن الحديث إلاَّ بالقدح والطعن في رجاله.

ص: فإن احتجوا بما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن جابر: "أن أصحاب رسول الله -عليه السلام- لم يزيدوا على طواف واحدٍ".

قيل لهم: إنما يعني جابر بهذا الطواف بين الصفا والمروة، وقد بين ذلك عنه أبو الزبير:

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، سمع جابرًا -رضي الله عنه- يقول: "لم يطف النبي -عليه السلام- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلاَّ طوافًا واحدًا".

وإنما أراد جابر بهذا أن يخبرهم أن السعي بين الصفا والمروة لا يفعل في طواف يوم النحر، ولا في طواف الصدر كما يفعل في طواف القدوم، وليس في شيء من هذا دليل على أن ما على القارن من الطواف لعمرته وحجته طواف واحد أو طوافان.


(١) "سنن الدراقطني" (٢/ ٢٦١ رقم ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>