ص: فإن قال قائل: فقد رأيناه يحل من حجته وعمرته بحلق واحد ولا يكون عليه غير ذلك، فكذلك أيضًا يطوف لهما طوافًا واحدًا ويسعى لهما سعيًا واحدًا ليس عليه غير ذلك.
قيل له: قد رأيناه يحل بحلق واحد من إحرامين مختلفين لا يجزئه فيهما إلاَّ طوافان مختلفان، وذلك أن رجلاً لو أحرم بعمرة فطاف لها وسعى وساق الهدي ثم حج من عامه فصار بذلك متمتعًا أن حكمه في يوم النحر أن يحلق حلقًا واحدًا فيحل بذلك الحلق منهما جميعًا، وكان يحل بحلق واحد من أحرامين مختلفين قد كان دخل فيهما دخولاً متفرقًا، ولم يكن ما وجب من ذلك من حكم الحلق موجبًا أن حكم الطواف لهما كان كذلك، وأن طوافه واحد، بل هو طوافان، فكذلك ما ذكرنا من حلق القارن لعمرته وحجته حلقًا واحدًا لا يجب به أن يكون كذلك حكم طوافه لهما طوافًا واحدًا، ولما كان قد يحل في الإِحرامين اللذين قد دخل فيهما دخولًا متفرقًا بحلق واحد، كان في الإِحرمين اللذين قد دخل فيهما دخولًا واحدًا أحرى أن يحل منهما كذلك.
ش: تقرير السؤال أن يقال: لمَّا كان القارن يحل من حجته وعمرته جميعًا إذا حلق رأسه، ولا يجب عليه شيء غير ذلك، فبالحلق الواحد يحصل الإِحلال، فكذلك ينبغي أن يكتفي بطواف واحد، وسعي واحد، ولا يحتاج إلى طوافين وسعيين.
وملخص الجواب أن يقال: لا يلزم من حصول الإِحلال من الحجة والعمرة بحلق واحد أن يكون الطواف واحدًا والسعي واحدًا، ألا ترى أن من أحرم بعمرة ثم طاف لها وسعى وكان سائق الهدي، ثم أحرم بحج من عامه ذلك كان متمتعًا، ثم إنه يحل عن الإِحرامين جميعًا بحلق واحد يوم النحر، ومع هذا لا بد له من طوافين بلا خلاف، ولم يكن ذلك موجبًا أن يكون الطواف كذلك واحدًا، فكذلك حلال القارن بحلق واحد لا يستلزم أن يكون طوافه كذلك، فإذا كان الإِحلال عن الإِحرامين اللذين كان فيهما الدخول متفرقًا يحصل بحلق واحد، فبالطريق الأولى أن يحصل عن الإِحرامين اللذين كان فيهما الدخول واحدًا.