للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما [ما] (١) في حديث عروة بن مضرس فليس فيه دليل أيضًا على ما ذكروا؛ لأن رسول الله -عليه السلام- إنما قال فيه: "من صلى معنا صلاتنا هذه وقد كان أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه" فذكر الصلاة وكلٌّ قد أجمع أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإِمام حتى فاتته أن حجه تام، فلما كان حضور الصلاة مع الإِمام المذكور في هذا الحديث ليس من صلب الحج الذي لا يجزيء الحج إلاَّ بإصابته كان الموطن الذي تكون فيه تلك الصلاة الذي لم يذكر في الحديث أحرى ألَّا يكون كذلك، فلم يتحقق بهذا الحديث ذكر الفرض إلا بعرفه خاصة.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين وأراد به الجواب عما قال أهل المقالة الأولى من فرضية الوقوف بالمزدلفة مستدلين بالكتاب وحديث عروة بن مضرس.

أما الجواب عن استدلالهم بالكتاب فهو قوله -أي قول الله -عز وجل- ... إلى آخره، وهو ظاهر ونوقش في قوله: "وكلٌ قد أجمع أنه لو وقف بمزدلفة ولم يذكر الله -عز وجل- أن حجه تام" فإن الظاهرية أوجبوا صلاة الغداة مع الإِمام في المزدلفة، فلا يتم حجهم إلاَّ بها، ولا شك أن الصلاة ذكر الله تعالى.

والجواب أن خلافهم لا يعتبر به، فلا يكون قادحًا للإِجماع، وكذلك نوقش في قوله: "وكلٌ قد أجمع أنه لو حج ولم يطف بين الصفا والمروة أن حجه قد تم" بأنه ليس كذلك؛ لأنه روي عن عائشة -رضي الله عنها- فرضية الطواف بين الصفا والمروة، وقالت في هذه الآية: إنما نزلت في أناس كانوا لا يطوفون بينهما، فلما كان الإِسلام طاف رسول الله -عليه السلام-.

وأجيب عن ذلك بأن مراد عائشة -رضي الله عنها- من ذلك هو فرضية الطواف بين الصفا والمروة في العمرة دون الحج؛ وذلك لأن العمرة عبارة عن الطواف بالبيت والطواف بين الصفا والمروة، بخلاف الحج فإنه عبارة عن الوقوف بعرفة وطواف الزيارة بشرط الإِحرام مع التلبية.


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>