للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد اختلف عن النبي -عليه السلام- في الصلاتين بمزدلفة: هل صلاهما معًا أو عمل بينهما عملاً؟ فروي في ذلك ما قد ذكرنا في حديث ابن عمر وأسامة.

واختلف عنه: كيف صلاهما؟ فقال بعضهم: بأذان وإقامة، وقال بعضهم: بأذان وإقامتين، وقال بعضهم: بإقامة واحدة ليس معهما أذان.

فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا، وكانت الصلاتان يجمع بينهما بمزدلفة وهما المغرب والعشاء، كما يجمع بين الصلاتين بعرفه وهما الظهر والعصر، فكان هذا الجمع في هذين الموطنين جميعًا لا يكون إلَّا لمحرم في حرمة الحج، فلا يكون لحلال، ولا لمعتمر غير حاج، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى إحداهما في إثر صاحبتها، ولا يعمل بينهما عمل، وكانتا يؤذن لهما أذان واحد وتقام لهما إقامتان، كان النظر على ذلك أن تكون الصلاتان بمزدلفة كذلك، وأن تكون إحداهما تصلي في إثر صاحبتها ولا يعمل بينهما عمل، وأن يؤذن لهما أذان واحد ويقام لهما إقامتان كما يفعل بعرفة سواء، هذا هو النظر في هذا الباب.

ش: أي: واحتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه من أن الصلاتين يجمع بينهما بمزدلفة بأذانين وإقامتين بحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-.

أخرجه بإسناد صحيح، وقد تكرر ذكره في كتاب الحج.

وجعفر بن محمد هو جعفر الصادق، وأبوه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- المعروف بابن الحنفية (١).

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: "صلى رسول الله -عليه السلام- المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامة ولم سبح بينهما".


(١) قلت: بل هذا هو المعروف بالباقر، وأما ابن الحنفية فهو محمد بن علي بن أبي طالب.
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٢٦٤ رقم ١٤٠٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>