وعلى هذا الخلاف إذا صلى العشاء في الطريق بعد دخول وقتها.
قوله:"فقد اختلف عن النبي -عليه السلام- في الصلاتين بمزدلفة هل صلاهما معًا؟ " يعني من غير فصل بينهما بنفل وغيره.
"أو عمل بينهما عملاً، فروي في ذلك ما قد ذكرنا في حديث ابن عمر" والذي ذكره في حديث ابن عمر أنه لم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما، وقد ذكر عن قريب، فهذا يدل على أنه لم يفصل بينهما بشيء، وفي حديث أسامة المذكور ما يدل على أنه فصل بينهما بعمل، وهذا كما ترى اختلاف، وكذلك اختلف عنه في كيفية صلاته -عليه السلام- إياهما هل كانتا بأذان واحد وإقامة واحدة، أو بأذان وإقامتين، أو بإقامة واحدة بدون أذان، وقد ذكرنا فيه ستة أقوال على ما ذكره ابن حزم.
قوله:"فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا" أي فلما اختلفت الرواة في هذا الباب على ما ذكرنا من الأقوال، وأراد بهذا الكلام بيان وجه النظر والقياس، ملخصه: أن الظهر والعصر يجمعان بعرفة بلا فصل بينهما، بأذان واحد وإقامتين، فكذلك ينبغي أن يجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بلا فصل بينهما بأذان وإقامتين قياسًا عليه، والجامع كون كل واحدة منهما فرضًا في حق محرم بحج في مكان مخصوص؛ لتدارك الوقوف بعرفة والنهوض إلى مزدلفة بعد الدفع عنها.
ص: وهو خلاف قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله- وذلك أنهم يذهبون في الجمع بين الصلاتين بعرفة إلى ما ذكرنا، وقد يذهبون في الجمع بين الصلاتين بمزدلفة إلى أن يجعلوا ذلك بأذان وإقامة واحدة، ويحتجون في ذلك بما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وكان سفيان الثوري يذهب في ذلك إلى أن يصليهما بإقامة واحدة لا أذان معها، على ما روينا عن ابن عمر عن النبي -عليه السلام- والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا؛ لما يشهد له من النظر.
ش: أي: وجه النظر الذي ذكرناه وهو القياس الذي يقتضي أن يكون الجمع بمزدلفة أيضًا بأذان وإقامتين خلاف قول أبي حنيفة وأبي يوسف