للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمد -رحمهم الله- لأنهم ذهبوا إلى أنه يجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة، ويستدلون على ذلك بما روي عن عبد الله بن عمر، وهو ما رواه عنه سعيد بن جبير، عنه قال: "صلى رسول الله -عليه السلام- المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة".

قوله: "وكان سفيان الثوري يذهب في ذلك إلى أنه يصليهما" أي المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة لا أذان معها، واستدل في ذلك بما رواه سالم، عن ابن عمر "أن رسول الله -عليه السلام- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جمعًا لم يناد في واحدة منهما إلا بالإِقامة" (١) وقد مرَّ ذكره فيما مضى، وبه قال أحمد في رواية.

قوله: "والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا" أشار بهذا إلى أنه اختار قول أهل المقالة الثالثة وهو قول الشافعي وأحمد في رواية كما ذكرنا، وإنما اختار هذا القول لأن النقل الصحيح يشهد له على ما قرره آنفًا.

ص: ثم وجدنا بعد ذلك حديث ابن عمر قد عاد إلى معنى حديث جابر، وذلك أن هارون بن كامل وفهدًا حدثانا قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد الله بن عمر قال: "جمع رسول الله -عليه السلام- بين المغرب والعشاء بجمع وهي بالمزدلفة، صلى المغرب ثلاثًا ثم سلم، ثم أقام العشاء فصلاها ركعتين ثم سلم، ليس بينهما سُبحة".

فهذا يخبر أنه صلاها بإقامتين.

ش: ذكر هذا تأييدًا لما اختاره من رواية جابر، وذلك قد روى حديث عن ابن عمر أيضًا يرجع معناه إلى معنى حديث جابر الذي احتج به أهل المقالة الثالثة.

وأخرجه بإسناد صحيح عن هارون بن كامل بن يزيد الفهري، وفهد بن سليمان الكوفي، كلاهما عن عبد الله بن صالح كاتب الليث وشيخ البخاري، عن الليث بن


(١) أخرجه الدارمي (٢/ ٨١ رقم ١٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>