للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا وأحمد وإسحاق، فإنهم قالوا: لا ينبغي أن ترمي جمرة العقبة إلاَّ بعد طلوع الشمس فإن رموها قبل طلوع الشمس أجزأتهم، وقد أساءوا، وعند الثوري والنخعي: لا يجزئهم قبل طلوع الشمس ويعيدون هذه، وقال الكاساني: أول وقته المستحب ما بعد طلوع الشمس، وآخر وقته آخر النهار، كذا قال أبو حنيفة: إن وقت الرمي يوم النحر يمتد إلى غروب الشمس، وقال أبو يوسف: يمتد إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس يفوت الوقت ويكون فيما بعده قضاء، فإن لم يرم حتى غابت الشمس يرمي قبل الفجر من اليوم الثاني ولا شيء عليه في قول أصحابنا.

وللشافعي قولان:

في قول: إذا غربت الشمس فقد فات الوقت وعليه الفدية.

وفي قول: لا يفوت إلاَّ في آخر أيام التشريق، فإن أخر الرمي حتى طلع الفجر من اليوم الثاني رمى وعليه دم للتأخير في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف ومحمد: لا شيء عليه، وبه قال الشافعي.

وقال مالك في "الموطأ" (١): سمعت بعض أهل العلم يكره رمي الجمرة حتى يطلع الفجر من يوم النحر، ومن رمى فقد حلَّ له النحر.

ص: وقالوا: لم يذكر ابن عباس في حديث شعبة مولاه أنهم رموا الجمرة عند طلوع الفجر بأمر النبي -عليه السلام- أيَّاهم بذلك، وقد يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك بالتوهم منهم أنه وقت الرمي لها، ووقته في الحقيقة غير ذلك، وأما ما رواه عطاء عنه فإنه لم يذكر وقت رمي جمرة العقبة هل هو بعد طلوع الشمس أو قبل ذلك؟

ش: أي قال هؤلاء الآخرون في الجواب عن الحديثين المذكورين، وهما ما رواه شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، وما رواه عطاء بن أبي رباح، عن


(١) "موطأ مالك" (١/ ٣٩١ رقم ٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>