قوله:"فمُر" أَمْرٌ من أَمَرَ يَأْمُر، أي "فمر عائشة فلتحرم" من الإِحرام.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن العمرة لمن كان بمكة لا وقت لها غير التنعيم، وجعلوا التنعيم خاصةً وقتًا لعمرة أهل مكة، وقالوا لا ينبغي لهم أن يتجاوزوه كما لا ينبغي لغيرهم أن يجاوزوا ميقاتًا مما وقته له رسول الله -عليه السلام-.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عمرو بن دينار وطائفة من السلف؛ فإنهم قالوا: وقت العمرة لمن كان بمكة هو التنعيم، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور؛ لأنه خصصه فدل أنه وقت معين لمن كان بمكة ممن يريد العمرة.
وقال القاضي: قال قوم: لا بد من الإِحرام من التنعيم خاصَّة، وهو ميقات المعتمرين من مكة.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: وقت أهل مكة الذين يحرمون منه بالعمرة: الحل، فمن أي الحل أحرموا بها أجزأهم ذلك، والتنعيم وغيره من الحل عندهم في ذلك سواء.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جماهير العلماء من التابعين وغيرهم، منهم: أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وغيرهم؛ فإنهم قالوا: وقت العمرة لمن كان بمكة: الحل، وهو خارج الحرم، فمن أي الحل أحرموا بها جاز، سواء كان ذلك التنعيم أو غيره من الحل.
وقال ابن حزم في "المحلى"(١): ومن أراد العمرة وهو بمكة إما من أهلها وأما من غير أهلها ففرض عليه أن يخرج للإِحرام بها إلى الحل ولا بد، فيخرج إلى أي الحل شاء ويحرم بها.
وقال القاضي: اختلفوا فيمن اعتمر من مكة ولم يخرج إلى الحل، فذهب أصحاب الرأي وأبو ثور والشافعي -في قول- أن عليه دمًا كتارك الميقات، وقال