للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البيهقي (١): من حديث نافع، عن ابن عمر قال: "خرجنا مع رسول الله -عليه السلام- معتمرين، فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله -عليه السلام- هديه وحلق رأسه ثم رجع".

وأخرجه البخاري (٢): من حديث جويرية ومن حديث فليح، عن نافع.

قوله: "فإنه يحل حينئذ" يعني يجوز له أن يحل، وليس معناه أنه يحل بنفس الإِحصار كما قد ذكرناه؛ والدليل عليه أنه -عليه السلام- لم يحل من عمرته حين أحصر بالعدو حتى نحر هديه، فدل ذلك أن كل محصر لا يحل بالإِحصار حتى ينحر هديه.

ص: وليس فيما رويناه أولاً خلاف لهذا عندنا؛ لأن قول رسول الله -عليه السلام-: "من كسر أو عرج فقد حل". قد يحتمل أن يكون: فقد حل له أن يحل لا على أنه قد حل بذلك من إحرامه، ويكون هذا كما يقال: قد حلت فلانة للرجال إذا خرجت من عدة عليها من زوج قد كان لها، ليس على معنى أنها قد حلت لهم فيكون لهم وطئها، ولكني على معنى أنه قد حل لهم أن يتزوجوها تزويجًا يحل لهم وطئها، هذا كلام جائز مستساغ.

ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال: كيف تقولون: إن المحصر لا يحل بنفس الإِحصار وأنه لا يحل حتى ينحر الهدي وتحتجون بحديث المسور وابن عمر، والحال أن حديث الحجاج بن عمرو يعارض هذا ويخالفه ورد ما ذهبتم إليه؟

وتقرير الجواب: أن معنى هذا الحديث لا يخالف ما روى المسور وابن عمر، وأن معنى قوله: "من كسر أو عرج فقد حل" أي فقد حل له أن يحل، أي الإِحلال صار له حلالًا، وليس المعنى أنه قد حل بذلك من إحرامه حينئذ، ولهذا الكلام نظائر منها: ما ذكره من قوله: "ويكون هذا كما يقال: قد حلت فلانة ... إلى آخره" وهو ظاهر لا يدفع.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ١٦ رقم ٩٨٥٩).
(٢) "صحيح البخاري" (٢/ ٦٤١ رقم ١٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>