جميعًا، وغير جائز الاقتصار على أحدهما دون الآخر؛ لما فيه من تخصيص حكم اللفظ بغير دلالة.
قوله:"إذ كان لا وقت لها يحله" إذْ: للتعليل، والضمير في لها للعمرة.
قوله:"إلاَّ أن عليه في العمرة قضاء عمرة" وذلك لأجل العمرة التي دخل فيها ثم أحل عنها بالإِحصار، وإنما يجب عليه القضاء في ذلك لكون اعتمار النبي -عليه السلام- من العام المقبل من عام الحديبية إنما كان قضاء لتلك العمرة، ولذلك لم يقل لأحد من الصحابة: عليكم قضاء هذه العمرة، ولا حفظ ذلك عنه بوجه من الوجوه، ولا قال في العام المقبل: إن عمرتي هذه قضاء عن العمرة التي أحصرت فيها، ولم ينقل ذلك عنه، فدل ذلك أن المحصر بالعمرة إذا أحل منها لا قضاء عليه.
قلت: هذا الذي ذكرته كله لا يستلزم نفي وجوب القضاء، وثبت وجوب القضاء بما ذكرنا آنفًا ولقول ابن مسعود -رضي الله عنه- لما استفتى في ذلك اللديغ:"يبعث بهدي ويواعد أصحابه موعدًا، فإذا نحر عنه حل ثم عليه عمرة بعد ذلك".
وقد مر ذكره في هذا الباب، وكذلك قال ابن عباس؛ قال ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): نا ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"أمر الله بالقصاص، أفيأخذ منكم العدوان؟! حجة بحجة وعمرة بعمرة".
قوله:"وعليه في الحجة حجه" أي وعلى المحصر بالحج حجة من قابل لمكان حجته، وعمرة لإِحلاله قبل أوانها.
وقال الشافعي: عليه حجة لا غير، واستدل بما روي عن ابن عباس الذي ذكرناه آنفًا، ولأن القضاء يكون مثل الفائت والفائت هو الحجة لا غير فيقضي الحجة وحدها.