للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل، وقد قام الدليل بما روي عن ابن مسعود وابن عمر، وهؤلاء الذين ذكرناهم، وعن عطاء في رواية في الذي يفوته الحج قال: "يحل بعمرة وليس عليه حج قابل".

وعن طاوس مثله، وروى ابن الماجشون عن مالك في المحصر بعذر: "يحل بسنة الإِحصار ويجزئه عن حجة الإِسلام". وهو قول أبي مصعب صاحب مالك، ومحمد ابن سحنون، وابن شعبان.

وفي "المدونة": لا قضاء على المحصر في حج التطوع ولا هدي؛ لأن النبي -عليه السلام- لم يأمر أصحاب الحديبية بقضاء ولا هدي، إلَّا أن تكون حجة الإِسلام فعليه حج قابل وهدي، وبه قال أبو عبد الله الشافعي وأبو ثور. انتهى.

وأما المحصر إذا كان قارنًا فعليه قضاء حجة وعمرتين، أما قضاء الحجة والعمرة فلوجوبهما بالشروع، وأما عمرة أخرى فلفوات الحج في عامه ذلك، وهذا على أصلنا، وأما على أصل الشافعي فليس عليه إلاَّ حجة بناء على أصله: أن القارن محرم بإحرام واحد ويدخل إحرام العمرة في الحجة، فكان حكمه حكم المفرد بالحج والمفرد بالحج إذا حصر لا يجب عليه إلَّا قضاء حجه عنده، وكذا القارن.

ص: وأما النظر في ذلك فإنا قد رأينا أشياء قد فرضت على العباد مما جعل لها وقت خاص، وأشياء فرضت [عليهم] (١) مما جعل الدهر كله وقتًا لها، منها الصلوات فرضت عليهم في أوقات خاصة تؤدى في تلك الأوقات بأسباب متقدمة لها من التطهر بالماء وستر العورة.

ومنها الصيام في كفارات الظهار وكفارات الصيام و [كفارات] (٢) القتل؛ جعل ذلك على المظاهر والقاتل لا في أيام بعينها بل جعل الدهر كله وقتًا لها، وكذلك كفارة اليمين جعلها الله -عز وجل- على الحانث في يمينه، وهي إطعام عشرة مساكين أو


(١) في "الأصل، ك": "عليه"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٢) في "الأصل، ك": "كفارة"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>