كسوتهم، أو تحرير رقبة، ثم جعل الله -عز وجل- لن فرض عليه الصلاة بالأسباب التي تتقدمها والأسباب المفعولة فيها في ذلك عذرًا لمن منع منه، فمن ذلك ما جعل له في عدم الماء من سقوط الطهارة بالماء والتيمم، ومن ذلك ما جعل لمن منع من ستر العورة أن يصلي بادي العورة، ومن ذلك ما جعل لمن منع من القبلة أن يصلي إلى غير قبلة، ومن ذلك ما جعل للذي منع من القيام أن يصلي قاعدًا يركع ويسجد فإن منع من ذلك أيضًا أومأ إيماءً، فجعل له ذلك وان كان بقي عليه من الوقت ما قد يجوز أن يذهب عنه ذلك العذر ويعود إلى حاله قبل العذر، وهو في الوقت لم يفته، وكذلك جعل لمن لا يقدر على الصوم في الكفارات التي أوجب الله -عز وجل- عليه فيها صيام، لمرض حل به مما قد يجوز برؤه منه بعد ذلك ورجوعه إلى حال الطاقة لذلك الصوم، فجعل له ذلك عذرًا في إسقاط الصوم عنه به، ولم يمنع من ذلك إذا كان ما جعل عليه من الصوم لا وقت له، وكذلك فيما ذكرنا من الإِطعام في الكفارات والعتق فيها والكسوة إذا كان الذي فرض عليه معدمًا وقد يجوز أن يجد بعد ذلك، فيكون قادرًا على ما أوجب الله -عز وجل- عليه من ذلك من غير فوات لوقت شيء مما كان أوجب عليه فعله فيه، فلما كانت هذه الأشياء يزول فرضها بالضرورة فيها، وإن كان لا يخاف فوت وقتها فجعل ذلك وما خيف فوت وقته سواء من الصلوات في أواخر أوقاتها وما أشبه ذلك؛ فالنظر على ما ذكرت أن تكون كذلك العمرة، وإن كان لا وقت لها أن يباح في الضرورة فيها له ما يباح بالضرورة في غيرها مما له وقت معلوم، فثبت بما ذكرنا قول من ذهب إلى أنه قد يكون الإِحصار بالعمرة كما يكون الإِحصار بالحج سواء، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهم الله-.
ش: لما ثبت أن المحرم بالعمرة يكون محصرًا كالمحرم بالحج وقد أشار إليه بقوله: وقد روينا في هذه العمرة أنه قد يكون المحرم محصرًا بها ما تقدم في هذا الباب عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- شرع هَا هنا بذكر وجه القياس أيضًا بقوله:"وأما النظر في ذلك" أي وأما وجه النظر والقياس في تحقيق الإِحصار في حق المحرم بالعمرة والمساواة بين المحصر بالعمرة والمحصر بالحج في التحلل بالهدي